قديم 2013-07-14, 12:49
رقم المشاركة : 1  
samirino
:: سوفت ماسي ::
افتراضي بروكسيل.. حين يُلَعْلِع الرَّصَاص المغاربي في العاصمة البلجيكية

روكسيل.. حين يُلَعْلِع الرَّصَاص المغاربي في العاصمة البلجيكية

بروكسيل.. حين يُلَعْلِع الرَّصَاص المغاربي في العاصمة البلجيكية




من النكات المتداولة في أوساط المهاجرين أن بروكسيل هي عاصمة شمال إفريقيا، الواقعة وسط أوربا، قد تمضي سنوات هنا دون أن تتعلم حرفا واحدا من الفرنسية أو الفلامانية، اتخذت المدينة هيئة مغاربية، بلباسها وضوضائها، بحديثها وبأحداثها المشتعلة.
في انتظار مشاهدة بث تلفزيوني لمقابلة حاسمة ضمن منافسات عصبة الأبطال الأوربيّة لكرة القدم كانت جولة استطلاع تستلبني بالعاصمة البلجيكيّة والأوربيّة بروكسيل.. مسار التجوال كان تباعا يمتدّ من مقر البرلمان الفيدرالي البلجيكي إلى البرلمان المحلي لبروكسيل، ثمّ مقهَى "The coffe company" فعشاء مطعم "Le Nil" المقدّم لوجبات محترمة ذوقا وشكلا.. كلّ ذلك استعدادا لختام شاء مشاغبون من المدينة أن يكون معبّرا عن الوجه البشع لبروكسيل.


الحكرة المشتعلة


غير بعيد عن مقهى مجاور لـ " La gare du midi"، وبعد طول بحث عن موقف للسيارة، بفعل التهافت الكبير على الشاشات لمشاهدة لقاء الـ "تْشَامْبيَانْسْ لِيـغْ".. 4 شبّان مغاربيّين، بعد مغادرتهم الرشيقة لعربة خفيفة نقلتهم إلى هنا دون أن يغادر سائقها موقعه أمام المقود، أو حتّى يطفئ محرّكها، تسابقوا على رشق فضاء "Melody" بقوارير المولوتُوف، وكأنّ المشهد يعني هجمة "بَلطَجَة" تتمّ وسط ميدان التحرير بالعاصمة المصريّة.
دوافع هذا العنف المفرط، الرامي إلى اتخاذ القرار بإحراق مقهى ممتلئ عن آخره بالنّاس، لا تقترن إلاّ بنزاع بسيط محوره صفّ لمقاعد الجلوس أمام شاشة الـ "بلازمَا" المنتظر بثها للقاء الرياضيّ، إذ أشعلها مدبرو المقهى المذكور، دون قصد، حين طالبوا شبابا من الزبائن بإخلاء الصف المحجوز سلفا، والانتقال إلى آخر يقع خلفه ببعد لا يتعدّى مترا ونصف.. حينها غادر "الغاضبون" في صمت، ضاربين موعدا حارقا وخانقا للجميع بعد نصف ساعة من ذلك.
"اخترتم اللّعب مع الأشخاص الخطأ.. لم يولد بعد من يعاملنا بهذه الطريقة.. كفاكم من الحُكْرَهْ.." هي عبارة من بين أخرى نطق بها المُلقون للـ "مُولُوتُوفْ" داخل بهو مقهَى "Melody"، فيمَا بعض المتواجدِين بالدّاخل اختاروا أسلوبا آخر للردّ، بعد أن نالت النّيران من مدخل الفضاء ذاته وشرع البعض في السقوط بفعل الاختناق الناجم عن الدخان الغازي للمكان.. أعيرة ناريَّة حيَّة أطلقت نحو الشارع لدفع المهاجمين إلى وقف "قصفهم النَّاريّ العشوائي"، بعضها اتجه نحو السماء وقلّة منها نالت من هياكل سيارات مركونة غير بعيد من موقع "المواجهة"، وأمام بطء تدخل شرطة العاصمة البلجيكيَّة انطلقت مطاردة المجموعة الثانية للمتسلحين بالزجاجات بالنَّار.. طبعا بعد تدقيق حاملي الرصاص الحيّ في وجوه كافّة من لاقوهم بالشارع بحثا عن ملامح المهاجمين.
العارفون ببروكسيل وما يجري بها من عنف لا يعدّ إلاّ الجزء البارز من جبل الجليد، فرغما عن تفشّي التسلّح غير المنظّم والمناوشات التي تتمّ باستعمال قطع السلاح الحي من حين لآخر، زيادة على إعلانات الشرطة باكتشاف مخازن القطع الحربية الخفيفة القادمة بذخيرتها من دول أوربا الشرقيّة، تعدّ العاصمة الأوربيّة مليئة بـ "جوانب مشرقة" قد تنسِي روّادها وجود هذا "الإرهاب" المصنّف "استثناءً بلجيكيّا".


بلجيكا العربية


يمكن اعتبار بروكسيل بمثابة "إلدُورَادُو" للبلجيكيّين المتحدرين من أصول مغاربيَّة، فإيقاعَات العيش القادمة إلى "البينيلُوكس" من شمال إفريقيا أفلحت في إيجاد مكان لها وسط حياة الدولة الفلامانيَّة، جاعلة من برُوكسيل وضواحيها، تحديدا، فضاء للتأقلم السلس مع حياة الأوربيّين بالنسبة للوافدين الجدد على القارّة العجوز، أو حتّى أولئك المغاربيّين الذين طال بهم المقام وسط دول الاتحاد الأوربيّ، يجدون ملامح الأوطان الأصليّة في مأكل وملبس وحديث المستقرّين هنا.
في عزّ الحراك الذي طال دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تحوّل مركز المدينة إلى محجّ لشباب المهجر الدّاعمين لمساعي التغيير ببلدانهم الأصليّة.. فكانت بروكسيل مهدا لتنسيقيّة أوربَا من حركة 20 فبراير المغربيّة، هذا قبل أن تغدو ساحتها الكبرى مقصدا لتظاهرات احتشاد فبرايريّي كافّة دول الجوار مع حلول كلّ موعد احتجاج تتفق عليه تنسيقيات الحراك المغربي بالوطن الأمّ.. وهو تعاطٍ لم يسِم، ولو كمّا، أيَّا من الدول الأخرى المتوفرة على نسبة هامّة من المواطنين ذوي الأصول المغربيّة.
الولوج إلى بلجيكَا عبر الطريق السيار الرابط بهولندا لا يفطن به إلاّ المدقّق في الشارات المروريّة لرصد تحوّل اللغة المستعملة، أو المترصّد لتغيّر اسم خادم الهاتف المحمول، وأيضا من اختار الوقوف بمحطّات الوقود ابتغاء للراحة منتبها لتدنّي نسبي في أسعار المحروقات والتبغ والمشروبات الغازيَّة، إضافة لتحوّل خدمات عدّة إلى نظام الدّفع المسبق قبل الاستفادة منها.. وكأنّ الثّقة تتدنَّى مستوياتها كلّما اتجهت جنوبا.
بفضاءات الساحات العموميَّة يجول سحر بروكسيل الذي بني على تدبير الاختلافات، هنا تبرز اللغات الأمّ المتعدّدة لـ "الوافدين الكُثُر" وهي تُستعمل بسلاسة قبل أن يُعمد إلى اللجوء للفرنسية أو الفلامانية أو الانجليزيّة تحويلا للتواصل من مساحاته الضيقة إلى نظيراتها الأفسح.. في حين تمرق الأمواج البشريّة متزاحمة وهي تحمل خليطا من رموز إثنيّة وفكريَّة بشاكلة لا توحي إلاّ بمثاليّة الفضاء الذي اجتمع فيه ما تفرّق بباقي الأصقاع.


المغربي النموذج


وسط بروكسيل يعدّ فؤاد أحيدَار، الريفي المتأصّل من مدينة الحسيمة، نموذجا للبلجيكيّ النّاجح على المستوى السياسي، مثله مثل آخرين اجتمعوا على العناية بمشاكل الجاليات عموما، وشباب الجيلين الثالث والرابع من الجالية المغربيّة بشكل خاصّ، هو في الحين رئيس فريق برلمانيّ بالمجلس التشريعي المحلّي بعد أن كان مستشارا وزاريا ما قبل المرحلة التي دامت عاما ونيف، وقضتها بلجيكا سائرة دون حكومة قائمة.. أحيدَار يرى بروكسيل فضاء حضاريا آخذا في الاشتغال بجدّ، من أجل تمكين الجميع من حقوقهم وحثهم على الانضباط وتحمل مسؤولياتهم وفق العقد الاجتماعيّ القائم بالبلد، "هذه هي التجربة التي ينبغي على زوار البلد الإطلاع عليها.. لكنّ ذلك يستلزم رغبة متبادلة مازال بعض القلائل المنتمين لصفوف الجاليات، من بينها المغربية، يمانعون في مشاطرتنا إياها.
لا حديث وسط مغاربة بلجيكَا حاليا إلاّ عن الأزمة الاقتصاديّة والصيف ورمضان والوطن، وكأنّ باقي الأحاديث غدت لا تهمّ بحلول "موسم الهجرة نحو الجنوب"، "أسعار رحلات الخطوط الملكيّة المغربيّة ما زالت مفرطة في غلاء خدماتها وتردّي عنايتها.. تنقّل الأسر برَّا نحو المغرب مكلف ومتعب.. سلاسة رحلات البواخر لا يعرف مدى انتظامها وتوفر أماكن بها..
معاملة الشرطة والجمارك بالحدُود غير معروفة الجودة هذا العام.. أداء مختلف الإدارات صياما وصيفا غير مضمون النجاعة.. عرس فُلان وفُلانَة ينبغي حضوره بمظهر لائق.." هي جمل من بين أخرى مشابهة أضحت تتواتر على ألسن مغاربة بلجِيكَا.. ولو إلى حين.



مغاربة تحت خط القفر


أظهرت العديد من الدراسات التي أنجزتها جمعيات ومنظمات غير حكومية، أن أكثر من نصف المغاربة المقيمين في بلجيكا يعيشون تحت خط الفقر، إذ يبلغ متوسط الدخل الشهري للفرد منهم 860 يورو، فـ 53 % من العائلات من أصول مغربية تعيش تحت خط الفقر في بلجيكا. وأكدت دارسة حديثة بأن 31,7 % من بين المغاربة المقيمين في بلجيكا يعملون بموجب عقد ثابت، بينما يعمل 5 % منهم بشكل مؤقت، ويحصل 21 % منهم على تعويض بطالة.
وتوصلت الدراسة التي قام بها مركز بلجيكي متعاون مع الجالية، أن المغاربة المستجوبين يصرحون بالتمييز الذي يتعرضون له أثناء انتقاء العمال " لتبرير عدم تمكنهم من الاندماج في هذا السوق"، حسب نص الدراسة، الذي يسلط الضوء على أن 38,3 % من النساء البلجيكيات من أصل مغربي يمارسن نشاطاً مهنياً مقابل 55,4 % من الرجال.
في المقابل كشفت الدراسة عن ظاهرة تفضيل المغاربة الحاصلين على الجنسية البلجيكية، للعمل غير القانوني، وذلك في تحايل للاستمرار في الحصول على تعويضات البطالة التي تمنحها الدولة، ويتوقف الأشخاص على العمل بمجرد حصولهم على تعويض البطالة، إذ أن العامل المؤهل يحصل على 1500 يورو شهرياً بينما يحصل العاطل عن العمل، المسؤول عن عائلة، على 1200 يورو، وهو أمر مغر للكثير من المغاربيين الذين تمتلئ بهم العاصمة بروكسيل.


هسبريس
قديم 2013-07-28, 17:15
رقم المشاركة : 2  
الصورة الرمزية يونس
يونس
:: سوفت ماسي ::
  • Algeria
افتراضي رد: روكسيل.. حين يُلَعْلِع الرَّصَاص المغاربي في العاصمة البلجيكية
شكرا جزيلا على المتابعة والتميز
إضافة رد
 

مواقع النشر (المفضلة)


روكسيل.. حين يُلَعْلِع الرَّصَاص المغاربي في العاصمة البلجيكية


« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

أدوات الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 13:11
المواضيع و التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات سوفت الفضائية
ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ( ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر )
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc