تقرير يكشف عن صورة "صادمة" للمرضى العقليين بالمغرب
تحدث عن وجود معازل "لا إنسانية" للمجانين وتعرُّض المريضات للاستغلال
لأول مرة في المغرب كشف تقرير رسمي نشره مؤخراً المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن واقع "أسود" لوضعية الصحة العقلية في البلاد، يتمثل في وصف معازل المرضى العقليين باللاإنسانية، وأيضا تعرض المريضات للاستغلال الجنسي في المستشفيات، فضلاً عن النقص الحاد في التجهيزات والموارد البشرية.
ويهدف التقرير إلى إبراز الروابط القوية القائمة بين الصحة العقلية وحقوق الإنسان بشموليتها، وتلازم الصحة العقلية والصحة الجسدية، وتحسيس المجتمع بارتفاع نسبة الأمراض العقلية وخطورة آثارها على المُصاب والاقتصاد والمجتمع، وتسليط الضوء على الوضع الحالي بالمراكز العلاجية.
وجدير بالذكر أن الاستطلاع الميداني الذي قام به المجلس الوطني لحقوق الإنسان شمل 20 مؤسسة استشفائية خاصة بالصحة النفسية والعقلية في البلاد، وذلك في الفترة الممتدة بين 27 مارس و6 يوليو 2012. أوضاع سوداء
وتعرَّض التقرير الرسمي، الذي توصلت "العربية.نت" إلى نسخة منه، إلى ما تعيشه مراكز العلاج من الأمراض العقلية في المغرب من أوضاع وحقائق "قاتمة"، حيث كشف عن وجود بنايات قديمة وغير ملائمة، ووجود 1725 سريرا فقط في 27 مؤسسة صحية لعلاج الأمراض العقلية، ويعرف هذا العدد تناقصا مستمرا.
ولفت التقرير إلى أن التوزيع الجغرافي للمراكز العلاجية "غير متكافئ وغير متوازن"، وأن البنايات المتوفرة غير كافية بالنظر إلى تواتر الإصابة بالأمراض العقلية، واصفاً مراكز علاجية بأنها غير ملائمة تماما مثل مكناس وتطوان، وأخرى مُتخلى عنها، بينما بعضها لا تستوفي شروط سلامة مناسبة.
وقال التقرير ذاته إن التجهيزات في مراكز علاج الأمراض العقلية في البلاد تعاني من الخصاص من حيث وسائل السلامة وسيارات الإسعاف، كما أن المعارزل التي يوضع فيها "المجانين" لا إنسانية وتفتقر إلى شروط السلامة، كما أن المرافق الصحية توجد في حالة "خراب متقدمة".
وحذر التقرير من تداعيات عدم العناية بفئات اجتماعية تُعالج في مؤسسات علاج الأمراض العقلية والنفسية، وسماها الاستطلاع "مجموعات الخطر" التي تعد الأكثر تعرضا للتمييز والتقصير، وهي فئة المريضات عقليا اللائي يعانين في أحيان كثيرة من شتى أصناف الاستغلال، خاصة الجنسي، وشريحة المرضى الأطفال والمسنين، ثم فئة المدمنين على المخدرات والكحول.
النظرة إلى المرضى
ويعلق الدكتور فؤاد بنددوش، الأخصائي في الأمراض العقلية والنفسية، على الصورة المزرية التي رسمها تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان لوضعية الصحة العقلية في البلاد، بأنها قد تكون أرقاما صادمة لعامة الناس، لكنها غير مفاجئة لأهل الميدان والاختصاص.
واعتبر بنددوش، في تصريحات لـ"العربية.نت" أن المراكز العلاجية للأمراض العقلية تعاني أكثر ما تعاني منه من نقص فظيع في الطاقات البشرية من أطباء ومُمرضين، باعتبار أن القطاع الحكومي يضم فقط 17 طبيباً و74 ممرضاً أخصائيا، وفي القطاع الخاص يوجد 130 طبيباً فقط.
وعزا الأخصائي تأثر الصحة العقلية والنفسية للمغاربة إلى العديد من العوامل المتشابكة، منها التحولات التي تعيشها الأسرة، حيث يشهد المغرب منذ سنوات ازدياد المشاكل الأسرية مثل الخلافات بين الزوجين وعدم الاستقرار والتفكك بالطلاق أو غيره من الأسباب.
وتابع المتحدث بأنه قد يُنظر إلى المرض العقلي أو النفسي نظرة ريبة وتخوف، لكن المعروف في المجتمع المغربي أنه يعتني بهذا الصنف من المرضى، فلم يُعرف أنهم يُطرَدون من العيش مع ذويهم أو يُعزلون عن المجتمع، بل كانوا يحظون بكامل الاحترام وتتم مساعدتهم على الاندماج، ما لم يكونوا خطرين على الآخرين.
وفي السياق ذاته، ترى الأخصائية النفسانية ندية القديري أنه ينبغي تغيير نظرة المجتمع المغربي للمرضى العقليين والنفسيين، لكون تلك النظرة الناقصة تتضمن ظلما وإجحافا في حقهم، مما يصعب حلا سريعا للمشاكل التي ترتبط بالمرض النفسي، بالإضافة إلى أن تلك النظرة الخاطئة تحيل المرض العقلي والنفسي إلى مشكل لا حل له سوى اللجوء إلى معتقدات شعبية مجانبة للصواب تماما.
2012-09-15, 10:20
تقرير يكشف عن صورة "صادمة" للمرضى العقليين بالمغرب
