عقود تأسيس الشركة تمّت كتابتها في معاقل الفيس بفريبورغ
القنـاة أسّسها رعيـــة أجنبي يدعى لويـز ديفيس ستيفن ثمّ انسحب منها بعد شهر
عندما يتحوّل قيادي في ''الفيس'' إلى مستورد ''بيرة''.. ومسؤول سابق في منظمة إغاثية دولية إلى ''خلاط'' إعلامي بالجزائر
*تحصّلت ''النهار'' على مجموعة من الوثائق الرسمية تتعلّق بعدد من الجزائريين الذين أنشأوا استثمارات بطريقة مشبوهة في الخارج، وتحديدا في سويسرا، من بينها الشركة المسؤولة قانونيا عن فضائية ''نوميديا نيوز تي في''، التي تبث برامجها من الجزائر، من دون ترخيص قانوني أو اعتماد رسمي من جانب السلطات.هذه الوثائق، بقدر ما كانت مثيرة ومفاجئة، بقدر ما كشفت عن حجم التلاعب الذي بات يمارسه عدد من ''البزناسية'' والمحتالين وقدامى ''الفيس'' المحل، الذين يحاولون العودة إلى الساحة السياسية والتأثير والسيطرة على الرأي العام الوطني بأي شكل من الأشكال.تكشف وثيقة مؤرخة في 27 مارس 2013 صادرة عن مصالح السجل التجاري في سويسرا، أن فضائية ''نوميديا نيوز تي في''، التي تنشط بالجزائر منذ قرابة سنة كاملة، جرى تأسيسها في البداية من طرف رعية أجنبي تُجهل جنسيته، واسمه لويز ديفيس ستيفن، الذي كان بموجب الوثائق القانونية الصادرة باسم شركة ''نوميديا نيوز تي في''، بمثابة المسؤول القانوني الوحيد للشركة، قبل أن يتنازل عن مجمل حصص الشركة والبالغة 200 حصة، لفائدة شخص من جنسية جزائرية، وهو محمد خذير، الذي أصبح يتقاسم مهام إدارة القناة من سويسرا وتمثليها قانونيا على الوثائق، رفقة شخص آخر من جنسية جزائرية، يدعى حمي الصالح، المقيم بالسويد. وبالبحث والنبش في تاريخ المدعو محمد خذير، تبيّن أن هذا الأخير مقيم في بلدة آنماس، الواقعة على الحدود الفرنسية السويسرية، وتحديدا في جبال الألب، وبعد التدقيق أكثر فأكثر والتحقيق في ملكية تلك الإقامة، تبيّن أنها تعود لرجل الأعمال الجزائري والبرلماني السابق محمد بوفراش، المعروف بكونه رجل أعمال مثير للجدل.ولمن لا يعرف محمد بوفراش، نقول إنه من كان يسخّر ممتلكاته وعقاراته لاستضافة وتنظيم اجتماعات قادة الحزب المحل، وبعد ذلك قادة جيش الإنقاذ ''الأيياس'' خلال مرحلة محاولتهم العدوة إلى الساحة السياسية بعد ترك السلاح، كما أنه كان قياديا وعضوا سابقا في الفيس المحل، ولم يخف أبدا مواقفه من الحزب المحظور.كما يُعرف رجل الأعمال بوفراش، بكونه رغم أنه محسوب على الإسلاميين، أحد كبار مستوردي الجعة ''البيرة'' في الجزائر، بل إنه سخّر فضائية ''نوميديا نيوز'' للقيام بحملات إشهارية لمنتوجاته ''الحلال''.وبعد عملية تحقيق ومتابعة بسيطة في ملفات واستثمارات هذا الأخير في سويسرا، تبيّن أن ما يربطه بمحمد خذير الذي تعرفه الوثائق الرسمية السويسرية على أنه المالك القانوني لقناة ''نوميديا نيوز تي في''، ليس فقط الشقة التي يقيم بها هذا الأخير والمملوكة لرجل الأعمال بوفراش، بل أيضا الشراكة في مشروع تجاري، حيث أن الرجلين قاما في تاريخ 7 ماي 2012، بتأسيس شركة ''بالميي فينانس كونسيلت''، وهي شركة مختصة في الاستشارات والخدمات العقارية، حيث تعرض خدماتها على الزبائن الراغبين في اقتناء عقارات في أوروبا، وتقوم بإنهاء عمليات تحويل الأموال، إلى جانب أنشطة أخرى تتمثل في الاستيراد والتصدير للمواد الصيدلانية وقطع الغيار، والمواد الطاقوية من بترول وغاز وصفائح الطاقة الشمسية.وكان لرجل الأعمال بوفراش ومحمد خذير شريك ثالث في تلك الشركة، واسمه فرتيخ عز الدين، وهو شخص غير معروف، عدا كونه يملك شركة أخرى تحمل اسمه ومختصة في تسيير الثروات وتحويلها إلى الاستثمارات، وهي الغطاء القانوني لعمليات تبييض الأموال، كما أنه يشترك رفقة خذير في إدارة شركة ثالثة تحت اسم ''فاينانس كونسيلت''، وهي شركة مختصة أيضا في تقديم الاستشارات في عمليات بيع وشراء العقارات، إلى جانب أنشطة تجارية أخرى مثل تلك المذكورة بالنسبة للشركة السابقة.وبالعودة إلى موضوع فضائية ''نوميدبا نيوز تي في''، فإنه وسط هذه الأسماء يبرز اسم آخر، وهو لويز ديفيس ستيفن، المؤسس الأول للقناة، والذي كان يملك كامل أسهمها قبل انسحابه منها بعد 26 يوما من تأسيسها.وبعد عملية بحث بسيطة في تاريخ الرجل، تبيّن أنه اشتغل وما يزال لدى المنظمة الإغاثية العالمية ''أس أو أس أنترناسيونال''، وهي منظمة خيرية تنشط في مئات البلدان، منها الجزائر، حيث أنه باستثناء نشاطها الوحيد في مناطق الشمال، وتحديدا بالعاصمة، أين شاركت في إنجاز قرية ''أس أو أس درارية''، فإن جل أنشطتها تتركّز في مناطق الجنوب الجزائري.ويشغل المدعو لويز ديفيس ستيفن منصب كبير المحاسبين الماليين في المنظمة الإغاثية، وهو رغم انسحابه من مشروع قناة ''نوميديا نيوز تي في''، فإنه يمتلك سجلات تجارية لأكثر من شركة، وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول ازدواجية أنشطته وأسباب جمعه بين النشاط الخيري والنشاط التجاري، وأيضا عن مصدر أمواله. كما بدا لافتا أنه في القانون الأساسي لشركة ''نوميديا نيوز تي في''، المؤرخ في 26 مارس 2013، والذي تحوز ''النهار'' على نسخة منه، لجأ أصحاب الشركة في عمليات إعداد عقود تأسيس الشركة إلى مكتب توثيق يقع في مدينة فريبورغ، وهي مدينة تقع في وسط سويسرا، ومعروفة بكونها معقل أنصار ''الفيس''. كما يبدو مثيرا أن اللجوء لإعداد عقود تأسيس الشركة في المدينة التي تبعد عن جنيف مقر عمل محمد خذير وأيضا عن مقر إقامته على الحدود السويسرية الفرنسية، هو أمر غير معقول، فما الذي يجعل شخصا يرغب في تأسيس شركة بأن يلجأ لموثق على بعد مئات الكيلومترات؟
2013-05-25, 22:37
