قديم 2013-07-03, 18:36
رقم المشاركة : 1  
الصورة الرمزية يونس
يونس
:: سوفت ماسي ::
  • Algeria
الشعب لم يعد يريد شيئا!!-حفيظ دراجي-

الشعب لم يعد يريد شيئا!!-حفيظ دراجي-

بعد انتهاء عهد شعار "الشعب يريد"، وما حدث إثر ذلك في الكثير من المجتمعات والبلاد العربية من حراك وتغييرات على مدى سنتين من التجاذبات، وبعد تراجع الكثير من الشعوب عن المغامرة بمستقبلها خوفا من التداعيات السلبية التي تعرفها بعض البلدان التي لم تجد المشروع البديل، حان موعد استسلام الشعوب للأمر الواقع والخروج إلى الشارع مجددا للإعلان بأنها لا تريد شيئا، بعدما تغلبت عليها قوى الشر وأعداء التغيير والمترددون والخائفون على مصائرهم ومصالحهم، وبعدما تحولت مطالب الشعوب بالتغيير السلمي في نظر البعض إلى مظاهر للتشويش والتخريب!
الشعب الجزائري بكل رجاله وطاقاته وقدراته وخيراته وعنفوان شبابه، ورغم إدراكه بأن الوطن يحتاج إلى نفس آخر وعهد جديد بعدما توفرت أسباب التغيير بسبب الفشل المتكرر، فإنه لم يعد يطالب بأي شيء، وهو في نظر البعض سعيد بالفراغ والجمود وغياب الرئيس والرؤية المستقبلية الواضحة، سعيد بفساد الأخلاق السياسية وانتشار الفساد والنهب وتراجع إنتاج ومداخيل النفط وانخفاض نسبة النمو، وسعيد بانتشار الجريمة وارتفاع نسبة المدمنين على المخدرات إلى أكثر من مليون شخص حسب الأرقام الرسمية.. كما أنه مؤمن بقدره الذي أراد له أن يبقى رهينة بين الشرعية التاريخية والثورية، بعيدا عن شرعية الشعب والقانون والمؤسسات، وبعيدا عن كل التحوّلات الفكرية والثقافية والعلمية التي يشهدها العالم من حولنا.
الشعب في نظر المنتفعين من استمرار الحال لم يعد يريد مشروعا جديدا يضمن له لقمة العيش والعمل والسكن والحياة الكريمة، ولم يعد يريد وزيرا محترما ومديرا كفء ومؤسسات قوية، لأنه لما طالب بذلك قيل له "إحذر" ستكون الخاسر الأكبر، ويحدث لك ما وقع في تونس ومصر وليبيا وسوريا، وستعود إلى جحيم التسعينيات ويجب عليك أن تصبر وتلتزم وتتفهم التحديات والتهديدات، وتصبر على العدالة حتى تأخذ مجراها لتعاقب العابثين بالمال العام، وتصبر عندما ترتفع الأسعار وتنخفض القدرة الشرائية، وينقطع الماء والكهرباء والأنترنت ويعم النهب والفساد!!
الشعب في نظر هؤلاء لا يريد تغييرا أو إصلاحا لأنه سعيد ومقتنع بحاله وأحواله التي تتحسن كل يوم، ويعيش في وطنه معزّزا مكرما، والرئيس الذي انتخبه يدير شؤونه "بالتليكوموند" والنواب الذين اختارهم يدافعون عن حقوقه ومطالبه، وباقي المؤسسات تخدمه وتسهر على راحته وتلبي حاجياته، ومدارسه وجامعاته ومستشفياته ومساجده ومسارحه وملاعبه ودور الشباب والثقافة تلبي كلها طموحاته في بناء مجتمع متوازن ومتفتح!!
الشعب لم يعد بحاجة إلى الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية لأن الصحافة حرة! والمجال السمعي البصري مفتوح ومتفتح! والأحزاب السياسية تعارض وتؤيد بقناعة ودون خوف! وجمعيات المجتمع المدني تنشط بحرية وديموقراطية! وكل مواطن يتمتع بكامل حقوقه المدنية والسياسية.
الشعب في نظر البعض "يريد الهناء" ولا يريد تغيير الرئيس والوزير والمدير، وتغيير الدستور ونمط التسيير لأن كل واحد منهم يقوم بواجبه وكل شيء يسير على ما يرام، والبلد آمن ومنتعش وينمو ويتطور باستمرار، ولكن في حقيقة الأمر فإن الشعب لم يعد يريد شيئا من رجاله ومؤسساته لأنه تعب وسئم، وفقد الأمل في التغيير المنشود، ليس بسبب الضعف والخوف وعدم القدرة بل بسبب إصرار المسؤولين على البقاء وقدرتهم على المغامرة وإذكاء نار الفتنة إذا شعروا بأن مصالحهم مهددة، وبسبب مهارتهم في تخوين كل من يختلف معهم ويعارضهم.

الشعب لم يعد يطمح إلى العيش الكريم، بل إلى الموت الكريم عندما يلاحظ ذلك الاصرار على ارتكاب الأخطاء وامتهان الكذب، وإصرار "من طاب جنانهم" على البقاء والاستمرار في مناصبهم دون أدنى اعتبار لسنّة الحياة، ولحاجة الأجيال الصاعدة لكي تقرر مصيرها بنفسها.
إضافة رد
 

مواقع النشر (المفضلة)


الشعب لم يعد يريد شيئا!!-حفيظ دراجي-


« الموضوع السابق | الموضوع التالي »


الانتقال السريع


الساعة الآن 01:51
المواضيع و التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات سوفت الفضائية
ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ( ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر )
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc