قديم 2017-04-13, 07:51
رقم المشاركة : 1  
dolasar
:: سوفت جديد ::
  • Egypt
افتراضي فضل الوضوء والتيمم وصفتهما...

فضل الوضوء والتيمم وصفتهما...


بسم الله الرحمن الرحيم

فضل الوضوء والتيمم وصفتهما

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد..

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون ﴾ [المائدة: 6 ].

«فالآية الكريمة أوجبت الوضوء للصلاة وبينت الأعضاء التي يجب غسلها، أو مسحها في الوضوء، وحددت مواضع الوضوء منها، ثم بيَّن النبي صلى الله عليه وسلـم صفة الوضوء بقوله، وبفعله، بيانًا كافيًا.

أحدها: غسل الوجه بكامله ومنه المضمضة، والاستنشاق، فمن غسل وجهه وترك المضمضة والاستنشاق أو أحدهما، لم يصح وضوؤه، لأن الفم والأنف من الوجه، والله تعالى يقول: ﴿فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ﴾ فأمر بغسل الوجه كله، فمن ترك شيئًا منه لم يكن ممتثلًا لأمر الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلـم تمضمض واستنشق».

الثاني: غسل اليدين مع المرفقين لقوله تعالى: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾، فإن (إلى) هنا بمعنى مع، فلا بد أن يصل الماء إلى نهاية المرفقين، يدل على ذلك حديث أبي هريرة: أَنَّهُ غَسَلَ يَدَهُ اليُمنَى حَتَّى أَشرَعَ فِي العَضُدِ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُسرَى حَتَّى أَشرَعَ فِي العَضُدِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلـم يَتَوَضَّأُ.

الثالث: مسح الرأس كله، ومنه الأذنان لقوله تعالى: ﴿ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ ﴾. وفي حديث ابن عباس: ثُمَّ مَسَحَ رَأسَهُ وَأُذُنَيهِ، بَاطِنَهُمَا بِالسَّبَّاحَتَينِ وَظَاهِرَهُمَا بِإِبهَامَيهِ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلـم «الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ». قال الشيخ ناصر الدين الألباني: «وهذا الحديث يدل على وجوب مسح الأذنين وأنهما في ذلك كالرأس، وحسبك في هذا المذهب إمام السنة أبو عبد الله أحمد بن حنبل، وسلفه في ذلك جماعة من الصحابة.

وأما المسألة الثانية: فهل يكفي في مسح الأذنين ماء الرأس، أم لا بد لذلك من جديد؟ قال المناوي كما في فيض القدير في شرح الحديث: «الأذنان من الرأس، لا من الوجه، ولا مستقلتان، يعني فلا حاجة إلى أخذ ماء جديد منفرد لهما غير ماء الرأس في الوضوء، بل يجزئ مسحهما ببل ماء الرأس، وإلا لكان بيانًا للخلقة فقط، والمصطفى لم يبعث لذلك، وبه قال الأئمة الثلاثة».

الرابع: غسل الرجلين مع الكعبين لقوله تعالى: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ﴾ وإلى بمعنى (مع)، وذلك للأحاديث الواردة في صحة الوضوء، فإنها تدل على دخول الكعبين في الغسل.

الخامس: الترتيب بأن يغسل الوجه أولًا ثم اليدين، ثم يمسح الرأس، ثم يغسل رجليه لقوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ﴾.

ولأن النبي صلى الله عليه وسلـم رتب الوضوء على هذه الكيفية. قال ابن عباس بعدما ذكر صفة رسول الله صلى الله عليه وسلـم: «هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلـم».

السادس: «الموالاة وهي أن يكون غسل الأعضاء المذكورة متواليًا، بحيث لا يفصل بين غسل عضو وغسل العضو الذي قبله، بل يتابع غسل الأعضاء الواحد تلو الآخر حسب الإمكان».

وقد وردت نصوص كثيرة في فضل الوضوء. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: «إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ».

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ».

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عثمان رضي الله عنه أنه قال: ألا أحدثكم حديثًا لولا آية ما حدثتكموه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلـم يقول: «لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ يُحْسِنُ وُضُوءَهُ، وَيُصَلِّي الصَّلَاةَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ حَتَّى يُصَلِّيَهَا». قال عروة: الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ﴾ [البقرة: 159].

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: «إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ، خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ، (أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ)، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ، كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ، (أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ)، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ، خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ، (أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاء)، حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ».

وقد تعرض حالات يكون الماء فيها معدمًا، أو في حكم المعدوم، أو موجودًا لكن يتعذر استعماله لعذر من الأعذار الشرعية، وقد جعل الله ما ينوب عنه وهو التيمم بالتراب تيسيرًا على الخلق، ورفعًا للحرج، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾.

والتيمم في اللغة: القصد، وشرعًا: مسح الوجه واليدين بصعيد، على وجه مخصوص.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جابر ابن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ». وفي رواية: «جُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ». ونقل ابن قدامة في المغني الإجماع على جواز التيمم في الجملة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وهذا التيمم المأمور به في الآية هو من خصائص المسلمين، ومما فضلهم الله به على غيرهم من الأمم».

وينوب التيمم عن الماء في أحوال:

أولًا: إذا عدم الماء لقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ سواء عدمه في الحضر، أو السفر وطلبه فلم يجده.

ثانيًا: إذا كان معه ماء يحتاج لشرب، وطبخ فلو تطهر منه لأضر حاجته بحيث يخاف العطش على نفسه، أو عطش غيره من آدمي، أو بهيمة.

ثالثًا: إذا خاف باستعمال الماء الضرر في بدنه بمرض، أو تأخر برء، أو شدة برودة، وكان عاجزًا عن تسخينه لقوله تعالى: ﴿وَإِن كُنتُم مَّرْضَى ..﴾ إلى قوله تعالى ﴿ .. فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا﴾.

رابعًا: إذا عجز عن استعمال الماء لمرض لا يستطيع معه الحركة، وليس عنده من يوضئه، وخاف خروج الوقت.

ففي تلك الأحوال يتيمم ويصلي، وإن وجد ماء يكفي بعض طهره استعمله فيما يمكنه من أعضائه، أو بدنه، وتيمم عن الباقي الذي قصر عنه الماء لقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]. وإن كان به جرح يتضرر بغسله، أو مسحه بالماء، تيمم له وغسل الباقي، لقوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ﴾ [النساء: 29]. وإن كان جرحه لا يتضرر بالمسح مسح الضماد الذي فوقه بالماء، وكفاه المسح عن التيمم.

«ويجوز التيمم بما على وجه الأرض من تراب، وسبخة، ورمل، وغيره، هذا هو الصحيح من قولي العلماء لقوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا﴾. وكان النبي صلى الله عليه وسلـم وأصحابه إذا أدركتهم الصلاة تيمموا بالأرض التي يصلون عليها ترابًا أو غيره، ولم يكونوا يحملون معهم التراب».

وصفة التيمم أن يضرب التراب بيديه ضربة واحدة، ثم يمسح وجهه بباطن أصابعه، ويمسح كفيه براحتيه، ويعمم الوجه والكفين بالمسح، وقد وردت هذه الصفة في الصحيحين من حديث عمار ابن ياسر رضي الله عنه.

ويبطل التيمم عن حدث أصغر بمبطلات الوضوء، وعن حدث أكبر بموجبات الغسل من جنابة، أو حيض، أو نفاس، وكذلك يبطل بوجود الماء إن كان التيمم لعدمه، وبزوال العذر الذي من أجله شرع التيمم من مرض ونحوه، ومن عدم الماء والتراب، أو وصل إلى حال لا يستطيع الوضوء، ولا التيمم، فإنه يصلي على حسب حاله بلا وضوء ولا تيمم، لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، ولا يعيد هذه الصلاة لأنه أتى بما أمر به، لقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾، وقوله صلى الله عليه وسلـم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

((د. أمين بن عبدالله الشقاوي))

إضافة رد
 

مواقع النشر (المفضلة)


فضل الوضوء والتيمم وصفتهما...


« الموضوع السابق | الموضوع التالي »


الانتقال السريع


الساعة الآن 15:03
المواضيع و التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات سوفت الفضائية
ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ( ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر )
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc