قديم 2016-10-06, 14:30
رقم المشاركة : 1  
الصورة الرمزية iyad05
iyad05
:: سوفت ماسي ::
افتراضي فتح القسطنطينية

فتح القسطنطينية



تحرك السلطان محمد الفاتح من "أَدِرْنَة"، عقب إتمام الاستعدادات اللازمة، يوم الجمعة الموافق للثالث والعشرين من مارس / آذار (1453) على رأس جيشه، ويرافقه قادة الجيش ورجال دولته والعلماء والوزراء والأمراء ووصل أمام المكان الذي يسمى "طوب قابي (Top kapı)" يوم الخامس من أبريل / نيسان، وأمر بنصب خيمة هناك، وأمر أيضًا "جَبَه جِي بَاشِي (Cebecibaşı)" بتوزيع السلاح على جنود "قَابِي قُولُو" واستعداد غيرهم للقتال في اليوم التالي.
أعدت الخطط على أن تبدأ الحرب يوم الجمعة الموافق للسادس من نيسان / أبريل (1453) وكان قوام الجيس العثماني نحو ثمانين ألف جنديّ بما فيهم المتطوعون، وقد عسكرت هذه القوات في الأماكن المحددة لها ، والتي تم تعيينها بناء على جولات تفقدية ومخططات أجريت مسبقًا تحت إمرة "جَانْدَرْلِي خليل باشا (Çandarlı Halil Paşa)" و"زَاغَانُوسْ باشا (Zağanos Paşa)"، وحاصرت القوات العثمانية الأسوار البرية الممتدة من منطقة "آيوانسراي (Ayvansaray)" إلى "يَدِي كُولَه (Yedi Kule)"، وأما خيمة السلطان الفاتح فقد نُصبت على تلة "مَالْتَبَة (Maltepe)" مقابلة لمكان "طوب قابي" أضعف قسم من الأسوار فيما يُعتقد، وتمركز حولها أفراد القوات الخاصّة المكلّفة بحماية السلطان على شكل دائرة، وأخذت وحدات المدفعيّة مكانها أمام الخط المركزي للجيش العثمانيّ، وتمركزت في هذا الموقع المدافع الحديدية الطويلة وآلات الحرب المتعددة والمجانيق وأبراج الحصار المتحركة، وأما الإمبراطور البيزنطي فقد أمر بإنشاء مقر قيادة جيشه في "طوب قابي"، وذلك نظرًا لأن الأسوار هنا ضعيفة نوعًا ما لكون الأراضي الواقعة بين "طوب قابي" و"أَدِرْنَه قَابِي" مائلة، وسيتولّى الدفاع عن ذلك الخط القائد العسكريّ "جستيناني".
عقب تحرك السلطان من "أَدِرْنَه"، وصل الأسطول العثماني إلى المنطقة تحت قيادة قبطان البحار "بلطة أغلو سليمان بك" بعد خروجه من سواحل "جليبولي"، وكانت مهمة الأسطول هي حصار المنطقة المحيطة بأسوار المدينة ومنع دخول أي مساعدات تأتي من الخارج، كما صدرت تعليمات إلى قيادة الأسطول بمحاولة دخول الخليج إذا سنحت الفرصة، وكان الأسطول يتألف من اثنتي عشرة سفينة من نوع "قادرغة" وحوالي سبعين سفينة شراعيّة، ونحو عشرين سفينة شحن.
وأما أسطول الحلفاء المكون من سفن البيزنطيّين وجنوة والبندقية والبابوية فقد تمركز عند مدخل خليج القرن الذهبيّ خلف السلاسل الممدودة على ضفتيه للحيلولة دون عبور الأسطول العثماني إلى الخليج.
وعقب أداء صلاة الجمعة يوم السادس من نيسان / أبريل (1453) أمام الأسوار، بعد إكمال عملية تمركز جميع فرق الجيش العثماني؛ بُعث رسول إلى الإمبراطور البيزنطي –كما تقتضي العادة الإسلامية- لدعوته لتسليم المدينة من تلقاء نفسه تجنبًا لإراقة الدماء من غير داع، إلا أن الإمبراطور رفض هذا العرض لثقته في أسوار وحصون مدينته، وبالمساعدات التي توقّع أن يتلقّاها من أوربا، غير أنه عرض على العثمانيين دفع الضرائب السنوية لدولتهم، وتسليم كافة المدن والقلاع باستثناء القسطنطينية، وإظهار التبعية لهم، لكن هذه العروض لم تكن كافية لإثناء السلطان الفاتح عن غزو المدينة.
وبعد أن فشلت عملية التوصل إلى مصالحة بين الطرفين، أعلن المنادون الطوافون بين وحدات الجيش أن الحصار قد بدأ، ودافع الإمبراطور البيزنطيّ وجنوده عن بلادهم وشرفهم ببطولة كبيرة، وذلك بالرغم من ضعف دولتهم وتردي أوضاعها، حتى إنهم صدّوا هجومًا خارج أسوار المدينة شنه عدد من الوحدات العثمانية المتطوعة غير النظامية في اللحظات الأولى لحصار القسطنطينية، لكنهم اضطروا إلى الانسحاب إلى ما وراء الأسوار بتدخل القوات العثمانية النظامية.
بدأت الحرب بإطلاق المدافع العثمانية قذائفها يوم السادس من أبريل / نيسان، وكانت المجانيق تقصف القذائف الحجرية، إلى جانب المدافع التي يصمُّ صوتها الآذان وتنشر اللهيب هنا وهناك، كما عمد الرماة العثمانيون إلى إطلاق وابل كثيف من سهامهم تجاه الثغرات في الأسوار حتى أنهكوا القوات البيزنطية المدافعة عن المدينة. لم يكن بمقدور الجنود العثمانيين فتح ثغرات تسمح لهم بالعبور إلى ما وراء أسوار المدينة، ذلك أن البيزنطيين كانوا يصلحون أي ثغرة تنشأ في الأسوار على الفور، ولقد واجه العثمانيون عائقين كبيرين منذ بداية الحصار؛ أولهما: الأسوار المنيعة، وثانيهما: النار الإغريقية التي لم يستطع الجنود الأتراك الاقتراب من الأسوار بسببها، وكانت من بين الطرق التي جربوها للتغلب على هذين العائقين هي حفر أنفاق تحت الأرض ووضع ديناميت لتفجير الأسوار، لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى النتيجة المنشودة بسبب العوائق المختلفة التي واجهوها في كل مرة، وكان الصراع القائم فوق الأرض يقابله صراع آخر يجري تحتها. ثبتت المدافع الكبيرة يوم الحادي عشر من أبريل / نيسان في الخنادق الموجودة أمام "طَوبْ قَابِي" على شكل أربع بطاريات في مجموعات ثلاثية، وكان إلى جانب المدافع يوجد أسلحة نارية تشبه المدافع الصغيرة التي يمكن حملها باليد، وكانت قذائف المدافع العثمانية الكبيرة لا تهز أسوار القسطنطينية فحسب، بل في الوقت نفسه تزعزع معنويات سكان المدينة، وكلما سمع الشعب البيزنطي ضجيج ورأوا انهيار الأسوار، كانوا يبتهلون بالدعاء بقولهم "ارحمنا يا إلهنا"، وكان القصف المدفعيّ المكثّف من جانب القوات العثمانية بماثبة إرهاصة بدء هجوم عام قادم.
وفي يوم الثاني عشر من أبريل / نيسان الذي لم يستطع فيه البيزنطيون التقاط أنفاسهم بسبب القصف العنيف للمدافع العثمانية، تحرّك الأسطول التركي المكون من مائة وخمسين قطعة بحرية مستغلاً الرياح الجنوبية التي هبت بشكل يسمح بهذه الحركة، واجتمع أمام منطقة "بَشِيكْتَاشْ"، ثم بادر إلى القيام بمناورة سريعة نحو الخليج، الأمر الذي أفضى إلى نشوب حالة من الاضطراب الشديد في صفوف البيزنطيين، لكن قائد الأسطول "بلطة أغلو سليمان بك" سحب سفن أسطوله بعد هذا الهجوم الذي كان بمثابة جسّ نبض للعدو؛ إذ كان الهدف من الهجوم هو قياس القوة البحرية للعدو، وقد شاهد البيزنطيون مناورات الأسطول العثماني الكبير من خلف الأسوار، مما استدعى لديهم حالة يأس شديدة؛ لأنهم لم يسبق لديهم تجربة أن تحاصر مدينتهم من البر والبحر ، وإنما اعتادوا على صد الهجمات البرية فقط، فالوضع هذه المرة مختلف تمامًا، وكان هذا المشهد المخيف باكورة إنذار بالقبضة العثمانية البحرية الجديدة.
وفي اليوم نفسه الذي ضغط فيه الأسطول العثماني على الخليج وقعت حادثة سلبية في مقر قيادة الجيش العثماني، حيث وصل وفد مرسل من ملك المجر إلى السلطان محمد ليخبره بأن هدنة "سمنديرا" الموقعة باسم "جان هونياد" لدى جلوس السلطان على العرش قد ألغيت، والسبب في ذلك أن "هونياد" لم يعد نائبًا للملك، وأعاد الوفد المجري نقض الاتفاقية التي تحمل توقيع السلطان محمد، وطلبوا الوثيقة التي تحمل توقيع الملك المجر، كما بادر الوفد بالتلميح إلى الإعداد لحملة صليية جديدة من أجل القضاء على العثمانيين، لكن السلطان العثماني لم يُلقِ لهم بالاً، وكان يبدو أنه عازم على إنجاز العمل الذي بدأه، وبالرغم من التوتر الذي حدث في مقر قيادة الجيش العثماني ..
واصلت القوات العثمانية حصار القسطنطينية وقصف أسوارها وحصونها قصفًا مكثفًا. بدأت الضربات الكثيفة بإحداث دمار كبير بأسوار المدينة وزعزعة الجدران والأبراج، إلا أن حامية المدينة كانت تبذل جهدًا جبارًا من أجل ترميم الثغرات التي أحدثتها القذائف العثمانية في الأسوار وبناء الأماكن المهدمة؛ إذ كانوا يصلحون الجدران المهدمة بالحجارة والبراميل والألواح الخشبية، وكان من الواضح أن العثمانيين سيحاولون القيام بهجوم شامل على أسوار المدينة عقب القصف الكثيف، وأما البيزنطيون فكانوا يحفرون الخنادق أمام الأسوار من أجل صد هذا الهجوم، ويملؤون البراميل بالتراب ويبنون خطًّا دفاعيًّا، ويعدون أوتادًا ذات رؤوس مدببة، وكان الإمبراطور "قسطنطين" يجري جولات تفقدية بين الحين والآخر في قدراتهم على التحمل وصد الهجوم، إلا أن الإمبراطور وسكان المدينة والجنود كانوا يدركون جيدًا أن هذه المرة تختلف تمام الاختلاف عن المرات السابقة، وأن الوضع وخم للغاية، فلم تكن المدينة قد تعرضت للضغط وأسوارها للتدمير لهذه الدرجة من قبل، وكان المشهد الذي أمامهم يزيد من يأسهم وخيبة أملهم.
وبحلول يوم السابع عشر من أبريل/ نيسان بدأت تتحرك آلة حربية جديدة، إذ قربت القوات العثمانية الأبراج المتحركة من الأسوار، وبادر الجنود إلى ردم الخنادق المملوءة بالمياه، واستعد الجنود العثمانيون لشنّ هجوم شامل، وأجروا أول تجربة عملية ليلة الثامن والعشرين من أبريل / نيسان.
استمر الهجوم - الذي بدأ بعد منتصف الليل- حتى شروق الشمس، وقد اقترب المقاتلون العثمانيون من أسوار القسطنطينية، مستغلين ظلمة الليل الحالك، وبدؤوا هجومهم بضجة كبيرة بالتزامن مع قرع الطبول، وكأن أهل المدينة أيضًا يسمعون هذه الأصوات المخيفة، وحاول الجنود العثمانيون الصعود إلى الأسوار بواسطة الحبال والسلالم التي ألقوها على الأسوار، أما حامية الأسوار فكانوا يدافعون باستماتة عن مواقعهم، وكان الجنود العثمانيون يسعون لسحب الحواجز الدفاعية التي شكلها الجنود البيزنطيون مستخدمين الرماح الخطافية والحبال ذات الأطراف الخطافية، وكان هدف الجنود العثمانيين تدمير الخنادق التي تحمي البنزنطيين، وفي الوقت الذي تعرضت فيه الوحدات العسكرية البيزنطية للضغط بنيران المدافع والبنادق وسيل من الأسهم، كان الجنود العثمانيون الذين حموا أنفسهم بالدروع يحاولون صعود الأسوار عبر السلالم التي أسندوها إلى الأسوار، لكن الزيوت والمياه المغليّة التي كان البيزنطيون يسكبونها من أعلى الأسوار والحجارة التي كانوا يلقونها كانت تحول دون صعود الجنود الأتراك، وكان دخان المدافع والبنادق يعيق الرؤية والحركة بشكل كبير، وفي النهاية صدرت أوامر للجنود العثمانيين بالانسحاب، فابتعدوا عن الأسوار تدريجيًّا، ولقد لعب القائد "جستنياني" والجنود الذين كان يقودهم دورًا حاسمًا في صدّ الهجوم العام الأول للعثمانيين.
إلا أنه عندما فشلت هذه المحاولة تقرر قصف أسوار المدينة بشكل أعنف حتى تضعف الأسوار بشكل كامل. كان هدف هذه التجربة من الهجوم العام هو قياس القوة الدفاعية للبيزنطيين، ولقد ظهرت في هذا الهجوم النقاط القوية والضعيفة في أسوار المدينة تقريبًا، وكان يجب على القيادة العثمانية إعداد مخططات مغايرة وفق هذه الوضعية الجديدة، وثبتت بطاريات المدافع العثمانية في المنطقة الواقعة بين "طَوبْ قَابِي" و "أدِرْنَه قابي" بعد تحليل حالة الأسوار جيدًا، لكن كان هناك ما يحير بعض القواد العثمانيين وهو أن القوة الدفاعية للبيزنطيين كانت لا يستهان بها، لأنهم كانوا عازمين على الدفاع عن المدينة ببطولة حتى آخر نفس لديهم، وقد سيطر الأسطول العثماني على جزيرة "بيوك أدا" الواقعة في بحر مرمرة في اليوم نفسه الذي فشل فيه هذا الهجوم العام الأول الذي قامت به القوات العثمانية، وكان هذا النصر سببًا في التخفيف –ولو قليلاً- من آثار خيبة الأمل التي شعر بها الجنود إثر فشل هجومهم.
وصلت مجموعة من الرسل القادمين من "كليبولو" إلى مقر قيادة الجيس العثماني يوم العشرين من أبريل / نيسان حاملين خبرًا مفاده أن سفنًا من "جنوة" تعبر مضيق الدردنيل حاملة على متنها الجنود والذخيرة والمؤن لدعم البيزنطيين، وقد ملئت أشرعتها بالرياح فتقدمت بسرعة حتى وصلت إلى مشارف القسطنطينية، غير أن حركتها توقفت جراء الانقطاع المفاجئ للرياح، وقد أصدر السلطان محمد أوامره بمصادرة هذه السفن في الحال أو تدميرها بالكامل إن لم تستسلم.
هاجمت القوادس العثمانية التي كان يقودها "بَلْطَة أوغْلُو سليمان بَكْ" السفن الجنوية التي كانت تقف بلا حركة عند منطقة "سُوتُونْلَرَ" في "زَيْتِينْ بُورْنُو" وسط جلبة كبيرة، وحاصرت السفن العثمانية سفن جنوة من كل جانب، وقد بدأت المعركة بين الجانبين بالأسهم والحجارة الملقاة من الآلات المخصصة لهذا الغرض، وتداخلت السفن ببعضها البعض، وحاول الجنود العثمانيون إضرام النار بسفن العدو من أجل إحراقها، ولهذا كانوا يتشبثون بحبال سفنهم وحديدها لكن جنود العدو لم يسمحوا لهم بذلك، وبادروا إلى قذف الجنود العثمانيين بالحجارة من خلال الآلات، وقد بدأت المواجهة بين الأسطولين بعدما انغرز مخنس سفينة "سليمان بك" الأمرالية بإحدى سفن العدو، حاول الجنود العثمانيون إضرام النيران في السفن الجنوية من الأسفل وحرق أشرعتها بالأسهم التي ألقوها وقطع حبالهاوثقب هياكلها ببلطاتهم، كما سعوا من ناحية أخرى إلى الصعود إلى سفن العدو بواسطة الحبال الخطافية والسلالم، وأما من كانوا على متن السفن فملؤوا البراميل بمياه البحر وأفرغوها على الحرائق لإطفائها، وأجبروا الجنود العثمانيين المحاولين الصعود للسفينة على النزول إلى الأسفل بضربات الرماح والأسهم والفؤوس.
مرّت ثلاث ساعات، لكن البحارة العثمانيين لم يستطيعوا الحصول على نتيجة إيجابية، وبعد أن تحولت المعركة ضد العثمانيين لبعض الوقت، رغب السلطان الذي كان يشاهد المعركة عن قُرب، في أن يتدخل على ظهر جواده في المعركة البحرية "وكأنه يريد أن يغير الموقف الذي عليه الجنويون لصالحه"، وأصدر الكثير من الأوامر لقائد الأسطول "سليمان بك" وسائر البحّارة الآخرين، لكن ذلك لم يغير سير المعركة، ولم تستطع السفن العثمانية إيقاف السفن الجنوية بسبب ارتفاع جوانب سفن العدو وتحركها سريعًا نحو الميناء بعدما امتلأت أشرعتها بالهواء، وفتح البيزنطيون السلاسل التي وضعوها عند مدخل الخليج، ومن ثم شدوها مرّة أخرى ..
وما إن دخلت السفن التي تحمل المساعدات حتى تضاعفت الروح المعنوية ومستوى المقاومة لدى سكان القسطنطينية وجنودها بفضل المساعدات القادمة من جنوة، ونسي البيزنطيون -الذين شاهدوا هذه المعركة الطاحنة التي دامت لثلاث ساعات من خلف الأسوار- أنفسهم وبادروا إلى الاحتفال بالنصر الذي حققه اللاتينيون على العثمانيين، وعم الفرح المدينة ووصل إلى أبعد مدى، فيما أفضت هذه الهزيممة البحرية إلى تراجع مستوى الروح المعنوية بين صفوف الجيش العثماني.
شعر السلطان العثماني بالغضب الشديد جراء هذه الهزيمة في المعركة البحرية التي وقعت في المنطقة بين "يَدِي قُولَه" و"لاَنْجَا"، وكذلك بسبب وصول سفن المساعدات إلى البيزنطيين، وفكّر في إعدام قائد الأسطول "سليمان بك" الذي اتهمه بالجبن والعجز والفشل، وقد عزل قائد الأسطول من منصبه بعد ما استطاع أن ينجو بحياته بفضل تدخل كبار رجال الدولة، وعيّن مكانه "حمزة بك" قائدًا للأسطول.
اجتمع أعضاء مجلس الحرب العثماني ليلة عشرين أبريل / نيسان للتشاور حول عرض السلام الذي قدمه الإمبراطور البيزنطي لرغبته في استغلال الأزمة الناجمة عن الهزيمة التي تعرض لها الأسطول العثماني، واندلع نقاش حاد بين مؤيدي متابعة الحصار من رجال الدولة العثمانية ومعارضيهم، كما حدثت حالة من الفوضى بين الجنود، وبدأت حالة من التفكك تنشب بين مؤيدي الحصار ومعارضيه بين صفوف الجنود، ولقد زاد هذا الفشل من دعم الفريق المعارض للحصار الذي كان يقوده "خليل باشا"، وتروي لنا المصادر التاريخية العثمانية الأحداث التي وقعت في تلك الأيام كالتالي:
"شعر سكان القسطنطينية بسعادة غامرة، وبدؤوا يتطاولون بالكلام على العثمانيين لعدم تمكن العثمانيين من الاستيلاء على المدينة من خلال الأسوار، ولقد أحسّ المسلمون بخيبة أمل كبيرة هذه الواقعة، واعتبر معارضو الحصار هذه الواقعة حجة وبرهانًا، وحاولوا إقناع السلطان بالتنازل عن فكرة مواصلة الحصار، وقد اتفق معظم أركان الدولة مع الصدر الأعظم "خليل باشا" في اتخاذ طريق رفع الحصار وعقد المصالحة مع العدوّ، لكن السلطان محمد كان يبذل جهدًا حثيثًا من أجل فتح المدينة بفضل همّته العالية ودعم عدد قليل من رجال دولته، وكان من بين الذين يدعمون قرار السلطان عدد قليل من علماء الدين، لا سيما "آق شمس الدين" و"ملا أحمد جوراني"، والوزير "زَاغَانُوسْ باشا" من أركان السلطنة، ولم يكن هؤلاء الأشخاص راضين تمامًا عن عقد اتفاق سلام مع الكفار الواقعين تحت الحصار، ولقد بذل السلطان جهودًا كبيرة من أجل فتح المدينة، ولا يرى أن عقد اتفاق سلام مع الإمبراطور سيكون مناسبًا".
زعم معارضو فكرة مواصلة حصار القسطنطينية أن جيشًا صليبيًا كبيرًا ربما يأتي من أوربا في حالة طول فترة الحصار، ودافع هذا الفريق عن فكرة الاكتفاء بضريبة بقيمة سبعين ألف قطعة ذهبية تحصل من البيزنطيين، وعلى النقيض، عارض مقترح "خليل باشا" كل من "شهاب الدين باشا" و"زَاغَانُوسْ باشا" و"طُورْخَانْ باشا"، ومن العلماء "آق شمس الدين" و"مُلاّ جُورَانِي"، ودعموا السلطان وكان السلطان قد مال لبرهة إلى تنفيذ فكرة "خليل باشا" ورفع الحصار عن المدينة، وبعد ساعات من التوتر الشديد والمناقشات الحادّة بين الفريقين، أخمدت أصوات الفريق المؤيد لرفع الحصار، وصدر قرار في النهاية برفض عرض الإمبراطور ومواصلة الحصار.
أرسل "آق شمس الدين" في تلك الليلة الصعبة والمتوترة بعد الهزيمة، خطابًا مهمًّا للغاية إلى السلطان موقّعًا باسم "خضر"، وهذا الخطاب محفوظ اليوم في "متحف قصر طوب قابي" بإسطنبول، ولا يوجد احتمال أن يكون هذا الخطاب مفبركًا أو مزوّرًا، فهو بمثابة الوثيقة الوحيدة لنص هذا الخطاب بعدما أعاد البروفيسور "د. فريدون أمجان" نشره بشكل متوافق مع اللغة التركية المعاصرة: "لقد حدثت هذه الواقعة بسبب ركّاب تلك السفينة، وقد أدخلت الملل وخيبة الأمل إلى قلوبنا، ولاحت أمامنا عوامل كثيرة، وانقلب الوضع ضدّنا، وأحد هذه العوامل هو شعار الكفار بسعادة كبيرة وأريحيّة تامّة وارتفاع مستوى المعنويات لديهم، وأما العامل الثاني فهو عدم استطاعتكم إدارة الأمور جيدًا بالقدر الكافي، وتراخي الجنود في تنفيذ أوامركم، ويمكننا أن نضيف لذلك بعض الآراء والقناعات التي كانت ترى أن دعائي وتبشيري لا أساس له، والآن ليس وقت الدّعة والإهمال، فيجب في مثل هذه الحالات المبادرة إلى البحث والوصول إلى مَن تسبب في وصول الوضع إلى ما هو عليه الآن، ثم ينبغي فرض عقوبات فورية رادعة للمسؤولين عن هذه الوضعية، ومن ثمّ عزلهم من مناصبهم، وإلا فإنهم سيتصرفون بتوانٍ عندما تهجم قواتنا على القلعة وتبدأ الخنادق تمتلئ بالجنود، وكما تعلمون فإن معظم هؤلاء من المسلمين الكسالى، ومن أهل الأفعال القسرية، وهناك القليل من الذين يضحون بأرواحهم في سبيل الله، فهؤلاء عندما يرون المصلحة والغنائم يهمّون إليها ويلقون بأنفسهم في النار من أجل متاع الحياة الدنيا. وأرجو منكم الآن أن تمارسوا سلطتكم، وتضربوا بيد من حديد، وأن تعيّنوا شخصًا جافًّا غليظًا للتعامل مع أمثال هؤلاء، وهذا تصرف أيدته الشريعة؛ إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾(التوبة:73). ولقد حدثت واقعة عجيبة بينما نحن تسيطر علينا حالة من الملل، فنظرنا إلى القرآن الكريم فصادفتنا هذه الآية: ﴿وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾(التوبة:68). والآن فهؤلاء ليسوا مسلمين مخلصين، وهم في حكم المنافقين، وسيعذبون في جهنم مع الكفار، فقد وردت الإشارة بهذا، وبناء على ذلك؛ يجب التصرف بشدة وحزم.
اسحذوا همّتكم حتى لا تؤول عاقبتنا إلى خيبة الأمل والخذلان، واعلموا أننا سنستعد وننتصر بحول الله ومدده، بيد أن الأمر كله بيد الله ويأتي منه، لكن علينا أن نعمل ما بوسعنا وألا نتوانى، فهذا هو طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، ولقد نمتُ بعدما قرأت القرآن الكريم وأنا حزين، والحمد لله أن شهدت ألطافًا كثيرة وأخبارًا مفرحة وسارة، وقد وجدت سلوى كبيرة لأني لم أشهد أشياء كهذه منذ زمن بعيد، فأرجو أن تأخذ كلامي هذا بعين الاعتبار لأنه نابع من صميم حبي لكم".
وفي يوم الحادي والعشرين من أبريل / نيسان بدأت المدافع العثمانية المركزة شمالي أسوار "جالاطة" تدك السفن الجنوية والبيزنطية الراسية في الخليج، ولما لم يصل العثمانيون إلى ما كانوا يطمحون إليه من خلال هذه الهجمات؛ بادر السلطان إلى التكليف بصناعة مدافع ذات ماسورات عمودية، لتدخل التاريخ بوصفها أول "مدفع هاون" في التاريخ، وكانت قذائف المدافع الجديدة تصيب أهدافها وهي تطير من فوق المنازل الواقعة في منطقة "جلاطة"، وكانت الأسوار البرية هي الأخرى تتعرض لقصف مكثف في الوقت نفسه، وكان القصف العثماني للمدينة مكثف وعجيب لدرجة أن أحدًا لم يكن يتجرأ أن يرفع رأسه، والأبراج تتمزق، ولم يكن أحد يرى أمامه بسبب الغبار الكثيف، وصارت الأسوار التي كان يعتقد أنها غير قابلة للتدمير تنهار واحدة تلو الأخرى أمام قذائف الهاون التي لم تشهدها البشرية من قبل، وبدأ سكان المدينة ينتظرون هجومًا شاملاً عقب هذا القصف المكثف، وحلّ الانتظار القلِق محل السعادة التي عمت سكان المدينة جراء الانتصار الذي حققته بحريتهم على الأسطول العثماني، وامتلأت سماء المدينة بطبقة من الدخان الكثيف والأسود الناجم عن قذائف المدافع وطلقات البنادق، لكن هجومًا لم يقع كما كان متوقعًا، ما دفع حامية المدينة لاستغلال هذه الفرصة من أجل ترميم الأسوار المحطمة والثغرات المفتوحة واتخاذ احتياطات دفاعية جديدة على الفور. ومن ناحية أخرى؛حاول قائد الأسطول العثماني "حمزة بك" تنفيذ عدة هجمات من أجل كسر السلاسل المنصوبة عند مدخل الخليج من أجل العبور، وكان السلطان يهدف من وراء هذا القصف المكثف أن يضغط على المدينة والجنويين في "جالاطة" من نواح عدة في سبيل إخقاء الاستعدادات التي كان يقوم بها من أجل مشروعه الكبير، وكان هذا الأمر في الواقع حركة تضليل للعدوّ، وبهذا الشكل غاب عن الجنويين الطريق المعبّد أمام أسوار "جالاطة".
وأما في ليلة الثاني والعشرين من أبريل / نيسان فقد وضع السلطان العثماني الشابُّ مخططًا غير مألوف، فبفضل التصميمات التي أُعدّت منذ وقت طويل والأعمال التي بدئت قبل ذلك بأيام استطاعت القوات العثمانية تسوية التلال الواقعة خلف أسوار "جالاطة" وتطهيرها، وتم تثبيت ألواح خشبية وأشياء مستديرة في المنطقة البرية الممتدة من "بحر مرمرة" إلى الخليج، وتمّ طليها بالزيت لكي يتشكّل معبر مناسب لمرور السفن، وسُيّرت السفن الصغيرة تلك الليلة أولاً، ثم سيرت السفن الكبيرة بعد ذلك بفضل الطرق الجديدة التي طبّقتها قوات البحرية العثمانية من خلال الخبرة التي اكتسبتها في هذا المجال، وأنزلت قطع الأسطول الصغير المؤلف من سبعين قطعة إلى مياه الخليج عبر أراضي "دُولْمَابَهْجَة قُويُو" و"قَابَاطَاشْ"، وقد أصيب البيزنطيون باندهاش كبير عندما رأوا السفن العثمانية في الخليج صبيحة اليوم التالي، وتبدل الفرح الذي عم المدينة جراء النصر الذي حققه الأسطول البيزنطي في المعركة البحرية التي وقعت مع العثمانيين، إلى خوف وهلع كبيرين جراء هذا الهجوم، وقد انتهى المناخ الكئيب الذي كان مسيطرًا على الجيش العثماني، وازداد الإيمان لدى الجنود بالفتح.
ويروي المؤرخ البيزنطي "دوكاس" الشهير –الذي يعتبر من الأعداء القساة للعثمانيين عامة وللسلطان محمد خاصة، والذي يعرف السلطان شخصيًا- واقعة إنزال السفن العثمانية إلى خليج القرن الذهبي بهذه العبارات الحماسيّة: "لم ير أحد أو يسمع حركة كهذه، وكان ملك الفرس "كيخسرو" قد أنشأ جسرًا فوق مياه البحر، وعبر بجنوده إلى الشاطئ المقابل وكأنه يسير على اليابسة، وأما السلطان محمد، الإسكندر الجديد أو أعظم سلاطين زمانه في رأيي، فقد حوّل اليابسة إلى بحر، واستطاع تسيير السفن من على تلال الجبال بدلاً من الأمواج، وعليه فإن هذا السلطان تفوق حتى على "كيخسرو"، ذلك أن هذا الأخير عبر مضيق الدردنيل، لكنه هزم أمام الأثينيين وعاد أدراجه يجرجر أذيال الهزيمة والعار، وأما السلطان محمد فقد عبر اليابسة كما في البحر، ودمّر حصون البيزنطيين، واستطاع السلطان العثماني السيطرة على القسطنطينية ملكة مدن العالم، والتي كانت تلمع كالذهب الحقيقي".
وبعد أن أنزل العثمانيون أسطولهم المتواضع في مياه الخليج، أرسل الإمبراطور جزءا من قواته الدفاعية لحماية الأسوار المحيطة بالخليج لتوقعه أن يقوم العثمانيون بالهجوم من هذه الجهة، وهو الأمر الذي أدّى إلى ضعف الأسوار البرية للمدينة، وكان الجميع يفكر في أن المدينة المحاصرة من كل جانب ستسقط وأن مساعيهم لإنقاذها ستنفد واحدة تلو الأخرى، وقد وافق الإمبراطور على أقسى الشروط وأعرب عن رغبته في السلام تحت أي ظرف، فأجاب السلطان بقوله: "لا يمكنني أن أغادر المدينة، فإما أن آخذها أو تأخذني هي، حيًّا أو ميتًّا، فإذا أراد الإمبراطور أن يغادر المدينة فسأتنازل له عن شبه جزيرة بيلوبونيز، وأوقع معه اتفاق صداقة، وأمنح شقيقه الموجود هناك ولاية أخرى وأما إذا لم أدخل المدينة بالسلام ودخلتها محاربًا، فسوف أعاقب الإمبراطور وكافة النبلاء وقادة الدولة بالموت، وسأوزع سكان المدينة بين جنودي كعبيد وإماء، وأما أنا فتكفيني المدينة وإن كانت خاوية على عروشها".
وكان هذا ردّ السلطان على عرض الإمبراطور، وهو ما أظهر عزمه وتصميمه على إنجاز هذه المهمّة التي بدأها. شعر قوّاد البحرية اللاتينيون والبيزنطيّون بالقلق من هجوم السفن العثمانية المنزلة إلى مياه الخليج بالتعاون مع السفن المنتظرة عند السلاسل، وكانوا يتابعون كلّ شيء بحذر كبير، وقد انعقد مؤتمر في المدينة قرّر الحاضرون فيه حرق السفن العثمانية الراسية في الخليج كإجراء احترازي لحماية المدينة، وعندما تأجّل تنفيذ هذه العملية التي كان من المقرر تنفيذها يوم الرابع والعشرين من أبريل / نيسان، نزولاً على مقترح جنويي جالاطة، وصل الخبر إلى السلطان محمد الذي أصدر تعليماته باتخاذ التدابير اللازمة، واستطاعت البحرية العثمانية بنجاح صدّ هجوم حاول البحارة البندقيّون تنفيذه على الخليج يوم الثامن والعشرين من أبريل / نيسان، وقد أصابت قذيفة مدفعيّة سفينة القائد البندقي صاحب التخطيط للهجوم وقائده "جاكومو كوكو"، مما أدّى إلى غرق السفينة ومن كان على متنها بمن فيهم القطبان، ومات حوالي مائة وخمسون شخصًا غرقًا، ويصف لنا "ليوناردو" المنحدر من جزيرة "خيوس" هذه الواقعة بعدما شرح الحصار بشكل مفصل اعتمادًا على مشاهداته، فيقول: "عادت سفُنُنَا وهي تهيمُ على وجهها حتى دخلت الميناء، ووصل بعض البحّارة الذين سقطوا في الماء إلى الشاطئ، لكن العدوّ أسرهم، وأمر حكامهم الظالمون بضرب أعنقاهم أمام أعيننا في اليوم التالي، ولما رأى رجالنا هذا المشهد جنّ جنونهم واقتادوا الأسرى العثمانيين الذين كانوا في أيدينا وذبحوهم بوحشية أمام رفاقهم فوق الأسوار، وبهذه الطريقة ازدادت وحشية الحرب بهذا المزيج من الكراهية والقسوة".
لم تحاول القوات العثمانية القيام بهجوم شامل في هذه المرحلة، وفي الوقت الذي واصل فيه الجيش العثماني قصف المدينة من جانب الأسوار البرية قصفًا مدفعيًّا عنيفًا، عمدت وحدات المدفعية العثمانية أيضًا إلى قصف الأسوار المطلة على الخليج الذهبي، وفي تلك الأثناء بدأت –اعتبارًا من الأول من مايو / أيار- المجاعة والفوضى والسوق السوداء والاستغلال، كل هذا بدأ يغزو المدينة بشدة إلى أن أنهك سكانها، ويصف لنا "ليوناردو" المنحدر من جزيرة "خيوس" تلك الأيام بقوله:
"رأينا مرات عديدة البيزنطيين الخائفين يتركون محالّ وظائفهم متحججين بحقولهم وشرابهم والتعب الذي حلّ بهم، بعضهم كان يقول إن أسرته تحتاج للرعاية، والبعض الآخر يشتكي من قلة النقود ويقول إنه مضطرّ للذهاب من أجل البحث عن عمل لكسب المال، وعندما عاتبتهم وأنا أقول لهم إنهم لا يخاطرون بأنفسهم فقط، بل يخاطرون بالنصرانيّة وأتباعها، أجابوني بقولهم "كيف يمكنني أن أفكّر في الجيش بينما تعيش أسرتي في حاجة وعوز؟" وقد صدرت أوامر بتوزيع الخبز بالتساوي بين سكان المدينة حتى لا يترك الجنود أماكنهم على الجبهة بحجة رعاية أسرهم، وكذلك حتى لا يخشوا الجوع أكثر من السيف بعدما عمد رجال الأسواق السوداء إلى تخزين الأطعمة أو بيعها بأسعار أعلى، غير أن النظام القائم بالمدينة كان قد تزعزع، وفقد الإمبراطور جَلَدَه وثباته؛ إذ لم يكن يعاقب أو يقطع رأس من لا ينفِّذ أوامره أو يتجاهلها".
إضافة رد
 

مواقع النشر (المفضلة)


فتح القسطنطينية


« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

أدوات الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:16
المواضيع و التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات سوفت الفضائية
ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ( ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر )
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc