أعرف أنني تأخرت في هذا الموضوع لكن لا بد من طرحه قبل دخول الشهر الكريم
و هاقد بقي 8 ايام لدخول رمضان المبارك فتعالوا نستعد لاستقباله من الآن
إخوتي و أخواتي ... نحن مقبلون على شهر عمل ... عمل متكامل يتطلب طاقة روحية كبيرة و مع الأسف يدخل الكثيرون منا رمضان بقوة و بعبادة راسخة و عمل كثير لكنهم بعد ذلك يفترون و يتكاسلون و ذلك لأنهم لم يستعدوا لرمضان حق الاستعداد
كيف نستعد لرمضان
رمضان شهر الطاعات و العبادات و الحسنات ... هو محطة نتزود بها بطاقة إيمانية كبيرة تدفعنا بثبات طوال العام و سنحصل بعدها على كنز عظيم لو نجحنا في تحقيق الغاية المرجوة من الصيام و العبادة في رمضان
علينا قبل أن نبدأ بالاستعداد لرمضان أن ندرك الغاية الرئيسية من الصيام ألا وهي تدريب النفس على الطاعة و حبسها عن المعصية و تزويدها بأحسن الأخلاق و الفضائل و لا يتحقق ذلك إلا بأن نصوم حق الصيام و ليس الصيام امتناع عن الطعام و الشراب و حسب بل هو التزام أخلاقي و أدبي كامل فلا يغضب الصائم و لا يرفث و لا يظلم و لا يفسد و كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من لم يدع قول الزور و العمل به فلا حاجة لله في طعامه و شرابه
دعونا ننتقل الآن لكيفية الاستعداد لرمضان
هناك قاعدة أساسية تقول : ً التخلية قبل التحلية :
مبدأ شرعي مهم جدا و أساس لا بد منه قبل البدء بأي عمل أو طاعة
الأمر أشبه بأن تتناول الشراب اللذيذ من كأس ملوث فهل تستسيغ ذلك ؟
بالطبع لا إذاً فعليك أن تنظف الإناء جيدا قبل وضع الشراب أو الطعام فيه
و هكذا النفس البشرية لا بد من تنظيفها قبل تزويدها بطاعة أو عمل حسن
و لكي تنظف نفسك و تجهزها لاستقبال رمضان لا بد مما يلي :
1- التوبة :
التوبة بداية كل نجاح و كل عمل فلا بد من ترك المعاصي و خاصة الكبائر و الذنوب التي يصر الكثيرون عليها
عليك أن تقلع عنها أخي المسلم و أختي المسلمة من اليوم مع التقيد بشروط التوبة و هي أربعة
ترك الذنب .. و الندم على الوقوع فيه ... و العزم على عدم العودة إليه و إعادة الحقوق لأصحابها إن وجدت
و هذا كله مطلوب لتحقيق التخلية فعندما تترك الذنب و تندم و تقرر عدم العودة إليه ستكون قد قطعت نصف الطريق نحو الاستعداد لرمضان
و لكن عندما يكون ذنبك متعلقا بحقوق العباد فلا بد من إعادة الحقوق لأصابها و إلا لن تقبل توبتك
و كم من صائم يتعب و يجتهد و في ذمته حق اغتصبه من شخص ضعيف و تناسى و تعايش مع ظلمه فكيف يقبل صيامه إلا برحمة الله ؟؟؟
و لهذا إخوتي الكرام دعونا من اليوم نتعاهد معا على الإقلاع عن ذنوبنا و لكل منا ذنب و معصية فنحن بشر و كلنا نخطئ و لكن خير الخطائين التوابون
أنت يا من تصر على التدخين و تعلم بأنه عند الله حرام أقلع عنه من الآن و لا تنتظر حتى قدوم رمضان
و أنت يا مدمن الأفلام و الصور الإباحية أقلع عن هذا الذنب و تب من الآن
و أنتم أيها المصرون على علاقاتكم غير الشرعية من حب و غرام و غير تلك الأمور أقلعوا عن ذنوبكم من الآن
رمضان فرصة لتوبة نصوح حقيقية و ليس توبة مؤقتة مع نية مبيتة للعودة إلى الذنب بعد رمضان فلا تمكروا على الله و تذكروا قوله تعالى : ( و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين )
فإن مكرت على الله مكر بك و عاقبك فأحسن النية و اعزم على التوبة بشكل نهائي و ليس مؤقت كما يفعل الكثيرون مع الأسف
و أنت يا من أكلت مالا أو اغتصبت حقا أو آذيت إنسانا ... تب إلى الله و أعد الحقوق إلى أصحابها من الآن و لا تنتظر دخول رمضان حتى تتوب
2- الإقلاع عن العادات السيئة و لو لم تكن محرمة
و أقصد بذلك العادات السيئة اليومية مثل إدمان الإنترنت و الكسل و اللعب و النوم و إضاعة الوقت بما لا يفيد و ليس فقط الذنوب و المعاصي ... فنحن مقبلون على شهر مهم جدا يعتبر بداية لتغيير و تحسن فينا نحو الأفضل
كف عن اللعب و النوم يا أخي فأنت لم تخلق لهذا .. دعونا نستيقظ من اليوم و نخفف اللعب و النوم و إضاعة الوقت فكل ثانية في رمضان لها وزنها و قيمتها فلا تضيعوا لحظة فيه دون أجر فالأجور في رمضان مضاعفة
3- الإكثار من الاستغفار
الاستغفار كنز عظيم و رحمة و فضل عظيم من الله تعالى علينا فهو تنقية للروح و تزكية للنفس و شفاء للقلوب
و لو تكلمنا عن فضائل الاستغفار لاحتجنا إلى حلقات و مواضيع كثيرة و يكفينا قوله تعالى :
(( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا , يرسل السماء عليكم مدرارا ، و يمددكم بأموال و بنين و يجعل لكم جنات و أنهارا ))
فدعونا نتفق من اليوم على الاستغفار كل يوم مائة مرة من اليوم و لا تؤجلوها للغد
4- تنظيم الوقت و تغيير الاهتمامات :
كلنا مع الأسف تقريبا نعيش دون تخطيط و تنظيم و رمضان شهر فيه نظام و ترتيب فالكل يفطرون بنفس الوقت و يصومون بنفس الوقت و يصلون بنفس الوقت و هذا يتطلب تنظيما جيدا للوقت علينا التمرن عليه من اليوم و ذلك بتخصيص وقت للعبادات و وقت للعمل و وقت للراحة و هكذا و أجمل ما في رمضان هو ذلك النظام الذي يوحدنا جميعا كمسلمين
و علينا أن نغير اهتماماتنا و لو كان مشروعة بأن نخفف الشعر و الخواطر العاطفية و الكتب الثقافية و الانترنت و الرياضة و غيرها و نهتم أكثر بالقرآن الكريم و الكتب الدينية و العلوم الشرعية و غيرها لنجعل أجواءنا معطرة بذكر الله و نفحات رمضان القادمة
5- تخفيف الأكل :
يظن الكثيرون أن شعبان شهر الأكل و التخمة كي يكونوا جاهزين لتحمل الجوع في رمضان و هذا خطأ كبير جدا يقع فيه أكثرنا مع الأسف و المفروض أن نبدأ بتخفيف الأكل من بداية رجب كي نكون قادرين على تحمل الجوع و العطش في رمضان فالنفس المعتادة على الأكل ستجد صعوبة كبيرة في مقاومته في رمضان و لهذا علينا أن نبدأ من اليوم بتخفيف أكلنا قدر المستطاع و يجب أن نصوم عدة أيام في الأسبوع كي نعتاد على الصيام و نتمرن عليه منذ اليوم
6- التزود بالطاعات تدريجيا و الإكثار من السنن و النوافل :
علينا منذ اليوم أن نتعلم طاعات و عبادات لم نكن نقوم بها سابقا و الإكثار من السنن و النوافل
لا تصلي الفروض فقط بل حاول أن تصلي السنن و أن تتطوع ببعض النوافل و خاصة قيام الليل و صلاة الضحى و غيرها
و حاول أن تقوم بصدقة يومية و لو بقرش و لا تستصغر معروفا فكما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : و لو بشق تمرة
فحاول إن كنت قادرا أن تتصدق كل يوم بمبلغ بسيط فشعبان و رمضان شهرا الصدقات و فوائد الصدقة عظيمة و يكفي أنها كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : الصدقة تطفئ نار المعصية .... أو تطفئ غضب الرب
و أنها تداوي المرضى فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : داووا مرضاكم بالصدقة
و ابدأ بصيام بعض الأيام و غيرها من الطاعات
7- أمسك عليك لسانك :
و درب نفسك على تعلم فن الصمت و تذكر بأن كثرة الكلام تسبب الوقوع في الخطأ كالغيبة و النميمة و الكذب و البهتان و القذف و غيرها من آفات اللسان الفتاكة و المؤذية
هذه بعض الأفكار الهامة للاستعداد لرمضان و أقول أخيرا فكرة مهمة تجعلنا نستعد لرمضان جيدا ألا وهي
تخيل أن ذلك آخر رمضان لك و لن تبلغ الشهر الفضيل ثانية فلا تفوت تلك الفرصة الأخيرة من يدك
و تذكر أنه من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه