قديم 2013-06-23, 11:54
رقم المشاركة : 1  
samirino
:: سوفت ماسي ::
افتراضي الدولة ومرض "البَواليس"

الدولة ومرض "البَواليس"

الدولة ومرض "البَواليس"



تعريفات لابد منها:


- البواسير عبارة عن انتفاخات مؤلمة في الأوردة، الموجودة بفتحة الشرج، نتيجة لتجمع الدم بطريقة غير طبيعية في أوردة الشرج، ما يُؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم داخلها فتبدأ بالتمدد والانتفاخ، الأمر الذي يجعلها مؤلمة جدا مع إمكانية انفجار الأوعية الدموية التي تجعل عملية الجلوس (الاستقرار) شبه مستحيلة.

- البَواليس مرض يصيب الدولة الشمولية نتيجة لتجمع السلط بطريقة غير طبيعية في يد واحدة، ما يؤدي إلى ارتفاع الضغط داخلها تصاحبه أعراض نفسية تتمثل في انتفاخ الأنا و رضا خادع عن الذات يزول مع عودة الألم الشديد كلما حاولت الدولة فرض الاستقرار (أو الجلوس على شرجها المتقرح).

وقع هنا فحسب



في صيف 2005 خرج الكنتاوي، وهو طالب يبلغ من العمر 19 سنة آنذاك، من بيت والديه بمدينة طاطا قاصدا محل البقالة القريب لشراء رغيف تسد به العائلة رمق إخوته الصغار المتحلقين حول مائدة العشاء. خروجه صادف مطاردة العشرات من عناصر الدرك و القوات المساعدة للمئات من سكان البلدة المحتجة على سياسات الإهانة والتهميش.
اعتقل الشاب قبل اقتناء الرغيف وسيق بالنواصي و لأقدام الى مخفر الدرك في سيارة ضابط يدعى شكري مكلف بمكتب جهاز مراقبة التراب الوطني في تلك المدينة\القرية التي لا تحتاج في الأصل إلى مكتب للبصاصين.
أخذ الشاب حصته من "الترصفيق" وشُتِمَت أمه ووالده وجده وعدد من أسلاف آل الكنتاوي ما جعله مستعدا تماما للتوقيع على محضر الضابطة القضائية و حفظ رواية مفادها أنه كان مكلفا بارتكاب أعمال عنف في حق قوات الأمن و عمليات تخريب في عدد من الأحياء. تعليمات التخريب صادرة عبر الهاتف النقال من بعض نشطاء الحركة الاجتماعية بطاطا الذين كانوا محاصرين بمقر الكنفدرالية الديمقراطية للشغل بساحة المسيرة التي حاولت "برودكانات" القوات العمومية اقتحامها إلا أن الباب الحديدي لمقر "بوسبرديلة" و زغاريد النساء كان أقوى من كل الهجومات.
تفصيل بسيط هو أن الطالب الكنتاوي لم يكن يملك هاتفا نقالا، أصلا، حتى يتلقى فيه تعليمات لكن هذا التفصيل كان آخر اهتمامات ضابط الاستخبارات الذي اشرف على الاستنطاق\ التعذيب داخل "البي جي" في خرق سافر للقانون.
أنكر رجال الدرك اعتقال الطالب أمام أسئلة والدته التي كان أطفالها الجياع يكفكفون دموعها كما رفضوا استقبال عدد من ممثلي الإطارات السياسية و الحقوقية الذين أصروا على معرفة مصير ذاك الذي خرج ذات عشية لشراء الرغيف و لم يعد.
ظهر الشاب بعد ذلك داخل قاعة المحكمة الابتدائية فأخبر القاضي أنه لا يعرف هؤلاء الواقفين بجانبه في قفص الاتهام و الذين اتهموا بإصدار تعليمات لارتكاب أعمال عنف و تخريب. واجه القاضي الطالب بما جاء في محضر الأقوال التي وقع عليها فأجابه بكل عفوية و الخوف يعلو ملامحه: ضربوني و شتموا أهلي ثم قالوا لي "وقع هنا فحسب" !


عودة إلى التعريفات


سبب الرواية التي تعود الى سنة 2005، هو حضوري للندوة التي نظمتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" صباح الجمعة الماضي بأحد فنادق الرباط تحت عنوان "وقع هنا فحسب.. المحاكمات الجائرة بناء على الاعترافات التي دونتها الشرطة في المغرب". التقرير لا يحمل جديدا بالنسبة للمطلعين على الفظائع التي تحدث في جل مخافر شرطتنا إبان الاحتجاز خاصة إذا تعلق الأمر بملف تفوح منه رائحة السياسة كما لن يفاجئ المهتمين بالشأن الحقوقي الذين يرون يوميا القضاة و هم يتعاملون مع محاضر الضابطة القضائية تعامل المتدين مع نص مقدس غير أن ما قرأه إيريك كولدشتاين، على مسامع الصحفيين و قادة المنظمات الحقوقية الوطنية و بينهما الأمير هشام، يبين بالمعطيات الدقيقة أن الدولة المغربية، إن صح التوصيف، تعاني من مرض "البَواليس" و أنها واهمة في سعيها للاستقرار و هي تحاول يائسة الجلوس على شرجها المتقرح.


هسبريس
قديم 2013-06-23, 23:00
رقم المشاركة : 2  
الصورة الرمزية يونس
يونس
:: سوفت ماسي ::
  • Algeria
افتراضي رد: الدولة ومرض "البَواليس"
شكرا على التعريف الرائع أخي سمير
إضافة رد
 

مواقع النشر (المفضلة)


الدولة ومرض "البَواليس"


« الموضوع السابق | الموضوع التالي »


الانتقال السريع


الساعة الآن 14:15
المواضيع و التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات سوفت الفضائية
ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ( ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر )
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc