لماذا ينعكس الصيام سلبا على سلوكات بعض الأفراد في رمضان؟
جولةٌ قصيرة في سوق من أسواق المغرب، نهار رمضان، كفيلة بجعلكَ شاهداً على أكثر من خصومة وعراك، وحصص من السباب، إن لم يتطور الأمر إلى استلالِ الأسلحَة البيضاء، فِي مشهدٍ قد لا يبدُو مألوفاً خلال باقِي أشهر السنَة.
فرغم وجود منسوب ثابت للجريمة، في بعض المدن، وكون الشجار أمراً عاديا فِي فضاءات تعجُّ بحشود من مرتاديها. إلَّا أنَّ جلبَة رمضان، لا تشبهُ ما عدَاها. وتثيرُ أكثر من سؤَال حول التحول الذي يجعل سلوك المواطن المغربِي يتغيرُ رأساً على عقب، في شهر، يرى الباحث فِي علم النفس، مصطفى شكدالِي، أنَّ حمَّى الاستهلاك التي أصابت الناس على إثره، تحيدُ به عن مقاصده السامية من تآزر وإخاء.
في محاولته شرح سلوكات الأفراد والتحولات التي تطرأُ عليها خلال شهر رمضان يرى شكدالِي أنه لا بد من النظر إلى المسألة من زاوية التغير الذي يحصل في العلاقة مع الوقت، حيث تتحول العلاقة إلى لحظتين زمنيتين؛ الأولى تبدأ مع الإمساك، والثانية تبدأ مع الإفطار. من ثمة يصبحُ الإمساك، على المستوى النفسي، فترة انتظار وما يرافقه من ترقب لحلول لحظة الإفطار.
كما يضيفُ الباحث إلى الانتظار التحولات الفيزيولوجية الناجمة عن الصوم، قد تكون السبب الذي يدفع بعض الأفراد للقيام بسلوكيات ارتدادية فيها الكثير من النرفزةـ التي قد تصل في بعض الحالات إلى درجة قصوى ينتج عنها أحداث مؤلمة. وهيَ سلوكاتٌ نجدها كما يذهب إلى ذلك شكدالِي، في الأسواق على وجه الخصوص، ومحلات اقتناء مستلزمات الإفطار، مما يؤكد ما قيل بشأن فترة الإمساك التي تتحول إلى انتظار يغيب فيه البعد الرمزي والديني والروحي للصيام، وتحضر فيه قيم التبضع والاستهلاك لنجعل من لحظة الإفطار تعويضا لما فات من أكل وشراب.
وعلى إثر ذلك، يردف شكدالِي أنه كان من المفروض جعلُ رمضان أقل كلفة من باقي الشهور لكن العكس هو الحاصل، وهو ما يلاحظُ أيضاً على مستوى السياقة، خاصة في الساعات الأخيرة من الإمساك أي قبيل آذان المغرب، حيث يغدو الكل متجهاً نحو لحظة الإفطار في غياب تام للتركيز على مخاطر الطريق وَالإشارات الضوئية التي تضحي مؤثثة فقط للديكور، بصورة تجعلُ السؤال مطروحاً حول قيم التآزر والإحساس بالأخر التي من المفروض أن تصاحب الصائم.