قديم 2013-07-30, 12:34
رقم المشاركة : 1  
samirino
:: سوفت ماسي ::
افتراضي يوميات مفطر سري

يوميات مفطر سري

يوميات مفطر سري






رمضان هذا الشهر العظيم، شهر الكرم والتسامح عند الصائمين، هو نفسه شهر الجوع و الإقصاء عند الفاطرين. التقرب إلى الله ينقلب عندنا نحن معشر الفاطرين
إلى شهر الابتعاد والاختباء من عباد الله.


السرية

هذا ما أشعر به كل رمضان و أنا أمارس سريتي في الاقتيات، يبدأ نهاري كسائر الكائنات الزاحفة بالاستيقاظ صباحا لأتوجه إلى مقر العمل لتبدأ مغامرة إفكار رمضان و الناس صيام. العقبة الأولى هي وجبة الفطور، الحل هو السرية التامة،أسرق بعض التمرات من مطبخ السيدة الوالدة و أتوجه إلى المرحاض أبتلعها و أحتفظ بالنواة في جيبي ماحيا بذلك كل آثار الجريمة..بعض جرعات من الماء ثم أرمي بنفسي إلى الشارع.


قهوة وسيجارة

لا معنى لصباح دون فنجان قهوة و سيجارة،أحيانا أتساءل..ماذا يؤدي المُجمعين على الصيام لو أني جلست أمارس طقوسي الصباحية في إحدى مقاهي الحي، أحيانا لا أفهم كيف لجماعة من الشباب أوسعوا رجلا رشف جرعة ماء أمام الملأ قبل أن يكتشفوا أنه مصاب بمرض السكري فأصبحوا على ما فعلوا نادمين..بالمغرب الكل مباح إلا رمضان،فكل من يحمل إحساسا بالذنب اتجاه الله يصبح عند حلول رمضان أول المحافظين على الأركان الخمس وبعد مروره عود على بدأ.
العمل برمضان يتحول إلى مأتم و كأن الطعام والشراب شخص عزيز تم فصله بالقوة عن الصائمين، لازلت لم أدخن سيجارتي بعد،تتراقص الكلمات والصور والأرقام على شاشتي، أشعر و كأني محكوم بالإعدام لم يرد أحد أن يصدق براءته، أنتظر الظهيرة لأنسحب خلسة أنا و زميل لي يسكن وحيدا قرب مقر العمل، لنمارس حريتنا في أن نكون ما نحن عليه.زميلي أكثر عصبية مني في مثل هذه المواقف،دوما ما يتسائل مستنكرا: ـ ماذا يتسفيد صاحب الخيمة الزرقاء (الله) من جوعنا،ماذا سيضيف له أو ينقص.
ينفث دخان السيجارة بعصبية و يردد:ـ بلاد الخراء هذه..ويسترسل مستهزئا، إن فطرت أمام الملأ يحاكمونك بزعزعة عقيدة مسلم ،هل هم ضعفاء إلى هذه الدرجة المسلمون كي نزعزع عقيدتهم؟ ثم ما معنى أن تصوم بدون أن تصلي..دينيا لا معنى لذلك..هم يفرضون علينا ثقافة ابتدعوها و ما لها بالمنطق الديني علاقة. يوميا أنصت إلى هذا الشريط المتكرر الذي تنقص حدته كلما ازداد عدد السجائر المدخنة.
أجمل ما في اليوم الرمضاني بالنسبة للفاطرين، أو على الأقل بالنسبة لأمثالي من الفاطرين المحبين للتسكع هو قرب آذان صلاة المغرب، تتحول المدينة إلى شبح و يحلو فيها المشي و التأمل، يدخل الصائمون إلى جحورهم ليقوم بنفس الشيء،الكل في اللحظة نفسها يقوم بعملية واحدة، يرفع يده اتجاه فمه،يفتح فمه و يبلع، في هذه اللحظة بالذات يحلو لي أن أتوجه إلى المقهى وأتأمل الفراغ.

رمضان كريم

أذكر يوما جلست في مقهى في لحظة الآذان،طلبت من النادل قهوة سوداء سواد أيام رمضان الصيفية،ففاجئني بحفنة من التمر وكأس حليب وخبز وجبن و عصير والمشروب الرمضاني الرسمي المغربي "الحريرة"، قلت مستغربا، لم أطلب سوى فنجان قهوة، ابتسم و كأنه يدعوني إلى ألا أخجل من نفسي متسائلا كيف يمكن أن تفطر على قهوة سوداء،ثم إنه بدون مقابل يا بني ،رمضان كريم ـ قال مبتسماـ ..يا سيدي لست صائما و لا أريد سوى قهوة سوداء، كنت أود أن أصرخ في وجهه، لكن ما كان علي أن أكون جحودا أو أن أثير الشبهات فأكلت ما قدمه لي تحت مراقبته الصارمة وأنا أتهكم على نفسي..حين تود الأكل لا يمكنك فعل ذلك وحين لا تود تأكل مكرها خائفا من أن ينفضح أمرك..بركاتك يا رمضان.


الإذاعة الهولندية
إضافة رد
 

مواقع النشر (المفضلة)


يوميات مفطر سري


« الموضوع السابق | الموضوع التالي »


الانتقال السريع


الساعة الآن 18:40
المواضيع و التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات سوفت الفضائية
ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ( ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر )
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc