قديم 2013-07-03, 18:33
رقم المشاركة : 1  
الصورة الرمزية يونس
يونس
:: سوفت ماسي ::
  • Algeria
عرس ‬الديمقراطية في ‬مصر-صالح عوض-

عرس ‬الديمقراطية في ‬مصر-صالح عوض-

عرس على إيقاع العنف وصخب الهتافات المتداخلة، والتي جعلت من سماء القاهرة مساحتها الساخنة.. من ميدان التحرير إلى ميدان رابعة العدوية الأصوات تجيء وتغادر، والمعتصمون في طقوسهم الديمقراطية بعضهم يلاحق الرئاسة والدستور والنظام الجديد من كل حروف اللغة، ويريد طردهم ‬من ‬أرض ‬الله ‬الواسعة، ‬وبعضهم ‬يجدّد ‬شروط ‬البيعة ‬وعهود ‬الالتزام ‬ويقدم ‬صفقة ‬اليد ‬وثمرة ‬الفؤاد ‬عن ‬أي ‬شيء.. ‬مفديا ‬الرئيس ‬بالولد ‬والأهل.‬
ملايين المصريين اليوم، في الشوارع يخرجون من صدورهم قهر آلاف السنين، حيث كان الحاكم فرعونا يخيل للناس إنه إله من سحره وجبروته.. ويصر المصريون أن يحكموا بمرجعيات واضحة يقتنعون بها ويحترمونها وهي منهم في منزلة الهواء والماء.. هذه هي الحكاية كلها لشعب تحوم حوله ‬المؤامرات ‬لكي ‬لا ينهض ‬ولا ‬يتسلم ‬زمام المبادرة.‬

إنه عرس بالبارود وبالعنف والتهديد، ولكنه فعلا عرس ديمقراطي كبير سيجسّد أهمية الشرعية وعدم تجاوزها بانقلاب مجموعة من العسكر، ويجسد حق الرفض والاختلاف وعدم إمكانية كبت الأصوات بيد الحاكم وبسوطه.. كل من له رأي فليقله حتى لو تجاوز الآداب العامة، لأن الموضوع يمس الحياة بعناصرها كلها.. لن يستطيع، ولن يكون مقبولا أن يفكر أحد في اقصاء أحد من المشهد فالجميع مصريون، ولكل رأي أنصار كثر، ومن يستطيع أن يحشد من الشعب أكثر حول تأييد برنامجه فمبروك عليه العرس.. وهذا هو الذي سيجعل من مصر قادرة على مواجهة تحديات قادمة على المستوى ‬الإقليمي ‬والدولي.‬
هناك رهانات خبيثة بأن يتحوّل هذا العرس إلى مقتلة وفتنة عمياء، ولكن هذا لن يكون إلا أماني الشيطان في أهل القبور.. فالمصريون ومن خلال سنتين ونصف تدرّبوا على الصراع دونما عنف، وعلى الاختلاف دونما إزاحة، وعلى التخاصم اللفظي ولكن دون الاشتباك اليدوي.. وكل مظاهر ‬العنف ‬التي ‬تم ‬تسجيلها ‬لم ‬تكن ‬سوى ‬من ‬فعل ‬مجموعات ‬بلطجية ‬مجرمين ‬ولصوص ‬وقطّاع ‬طرق، ‬وهؤلاء ‬لا ‬يعتد ‬بهم ‬ونحن ‬نرصد ‬حلة ‬الحراك ‬السياسي ‬الملتهب ‬في ‬مصر.‬
إن هذا الحراك منطقي وطبيعي، إذ كيف يمكن فهم الانقلاب الشامل الذي يمس كل عناصر الحياة والأشخاص في المجتمع بمنهج جديد ورؤية جديدة مخالفة لما كانت عليه الدولة المصرية منذ عشرات السنين إن لم نقل مئاتها.. ومن المعلوم أن كثيرا من الذين كانوا يصطفّون بجوار الإخوان ضد النظام السابق لم يكونوا على اتفاق مع رؤية الإخوان للدولة والمجتمع، فهم كانوا في معظمهم يتساوقون مع النظام السابق في كل ما يمس المجتمع والدولة، وانحصر خلافهم مع النظام حول مسلكيات الفساد والفوضى فيه.. من هنا انفجرت القضية أمام ثوار الأمس، ليجد كل فريق منهم نفسه يدافع عن منهجية ورؤية مختلفة، ووجد التيار العلماني أنه سيفقد أسس الدولة اللائكية أن هو ترك الوقت للتيار الإسلامي بمواصلة التوسّع في مؤسسات الدولة وإحداث تغييرات جوهرية في بنيتها، فذهب لاستخدام وسائل لا يخلو بعضها من العنف والتجاوز لايقاف تمدد التيار ‬الإسلامي.‬
سينقضي ‬اليوم ‬والأيام ‬القادمة، ‬وستجد ‬مصر ‬ضرورة ‬التجاوز ‬والخروج ‬من ‬عنق ‬الزجاجة، ‬لأن ‬الدمار ‬سيلحق ‬بالجميع ‬فيما ‬لو ‬حاول ‬أحد ‬الطرفين ‬اقصاء ‬الآخر ‬بالقوة ‬والعنف.‬
إضافة رد
 

مواقع النشر (المفضلة)


عرس ‬الديمقراطية في ‬مصر-صالح عوض-


« الموضوع السابق | الموضوع التالي »


الانتقال السريع


الساعة الآن 10:09
المواضيع و التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات سوفت الفضائية
ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ( ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر )
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc