قديم 2013-07-03, 18:42
رقم المشاركة : 1  
الصورة الرمزية يونس
يونس
:: سوفت ماسي ::
  • Algeria
فشل الإخوان في التمكين للأمريكان-حبيب راشدين-

فشل الإخوان في التمكين للأمريكان-حبيب راشدين-

عام واحد من حكم الإخوان لمصر بمواجهات مفتوحة مع الدولة العميقة، يوشك أن ينتهي يوم الأحد بتمرد شعبي رفع شعار ترحيل الرئيس مرسي، و"تحرير مصر من حكم الإخوان" وإن أمكن من هيمنة الأمريكان.

مصر على مشارف ثورة شعبية ثانية، يقول كثير من المصريين، مصر على حافة حرب أهلية، يزعم من يحتكم إلى مفاعيل الفوضى الخلاقة التي أدخلت ليبيا وسورية في الحرب الأهلية، فيما يرى المحللون المحايدون: أن مصر قد أدخلت دائرة الدول الفاشلة، بتجمع العناصر المنشئة للدولة الفاشلة: انقسام مجتمعي مخيف، ترهل متسارع لمؤسسات الحكم المنقسمة على نفسها في حرب خنادق تفتك بالدولة، وانقسام الشارع المنفلت إلى فسطاطين يتوعد بعضهم بعضا بقطع الرقاب وسحق الخصوم.
شعب مستنزف تقوده الظاهرة الصوتية
أي كان من يتربص باستقرار هذا البلد العربي الكبير: ثورة، حرب أهلية مذهبية طائفية، أو سقوط طوعي للدولة في دائرة الفشل، فإن المخيف حقا هو طبيعة الاستجابة القاصرة لمؤسسات الدولة، وأقطاب المشهد السياسي، وتشكيلات النخبة المصرية، التي عمت أبصارها، وصمت آذانها عن رؤية وسماع صرخة التمرد، التي يقوده الشباب المصري.
فمع نهاية هذا الأسبوع وضع المصريون على صفيح ساخن، بين مواعيد حركة تمرد لاحتلال الساحات بمليونيات الترحيل، وتحشيد القوى الإسلامية لنصرة الرئيس وما يصفونه بالشرعية الدستورية، رافقاهما تصريح غامض لوزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، وأخيرا خطاب رئاسي كان يتوقع منه الكثير من أجل تخفيف الإحتقان، فجاء بمفردات أضافت الكثير من الزيت إلى البؤر الملتهبة.
فشل النخبة المصرية في تحقيق توافق براغماتي بعد إسقاط مبارك، كان وراء عودة الشباب المصري لتصدر المشهد، بمبادرة مبتكرة لتحشيد الشعب المصري خارج إدارة السلطة والمعارضة على حد سواء، ونجح في زمن قياسي في تجميع أكثر من 15 مليون توقيع على استمارة، تخير الرئيس المصري الإخواني بين تنظيم طوعي لانتخابات رئاسية مبكرة، أو بالرحيل على طريقة بن علي ومبارك.
مشاهد انتشار وحدات الجيش المصري حول معظم المنشآت الحيوية، ونشر مدرعات، كتب عليها بوضوح عبارة "الجيش يحمي المواطنين" ذكرت الكثير بمشاهد مماثلة، لمدرعات خرجت بداية 2011 وقد كتب عليها "يسقط مبارك" أو عبارة "ارحل" ودفع ببعض المراقبين إلى الحديث عن انقلاب عسكري وشيك يحضر لتنفيذه يوم 30 جوان تحت غطاء "الانتصار لإرادة الشعب" تماما كما حصل في يناير 2011 .
أخونة بلا ضوابط تولد تمردا بلا حدود
في هذه الأجواء المشحونة بكل أنواع التهديدات، ومشاهد التمرد الشعبي المفتوح، لم يعد يصعب المجازفة باستشراف ما سيحدث ابتداء من يوم الأحد 30 جوان، موعد بداية فعاليات حركة تمرد، التي اختارت اليوم الأخير من السنة الأولى لولاية الرئيس الإخواني مرسي، لتخيّره بين الرحيل الطوعي عبر انتخابات رئاسية مبكرة، أو الرحيل من قصر الرئاسية إلى زنزانة بجوار الرئيس السابق.
استخفاف الرئيس مرسي بحركة تمرد الشبابية، وبالقوى التي اصطفت خلفها، قد يكلفه ما لحق بمبارك حين سخر من حركة شبابية، لم تكن وقتها تطالب بأكثر من وقف مسار التوريث وإقالة الحكومة، ولم يقرأ وقتها استعداد الجيش المصري لدعم حراك الشارع، ولا سرعة تحول حلفائه الغربيين من حماة للنظام إلى محرضين لترحيله. فقد أصيب الرئيس المصري مرسي بعمى الألوان، هو وجماعة الإخوان، منذ استلامهم مقاليد حكم مصر ضمن مسار لعبت به قوى داخلية فاعلة، وقوى أجنبية كانت تشتغل على مشروع واسع لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، عبر ما سمي بالربيع العربي.
فقد اعتقد الإخوان ومعهم مختلف تشكيلات الإسلام السياسي، أن ساعة حكم الإسلام السياسي قد حانت، وتوفرت لها الأسباب بحبل من الداخل وحبال من الخارج، وأن حاجة الدول الإقليمية والغربي للإخوان لخلافة الأحصنة النافقة، تسمح لهم بتجاهل الشعب أولا، والقفز على مراكز القوة في الدولة العميقة، فسارعوا إلى فتح جبهات متعددة مع مؤسسات الدولة العميقة في المؤسسات العسكرية، والأمنية، وفي القضاء والإدارات الكبرى المركزية والمحلية، فضلا عن ملاحقهم المنظمة في ما يسمى بالمجتمع المدني، في سلك المحاماة والإعلام وشبكة معقدة من القوى الفاعلة في الاقتصاد وعالم المال.
الصراع الأجوف مع الدولة العميقة
ثلاثة أرباع خطاب الرئيس مرسي يوم الأربعاء، خصصت للشكوى من هؤلاء الخصوم، الذين حملوا مسؤولية الفشل الإخواني الصريح في إدارة بلد كبير مثل مصر، كان مثقلا بالمشاكل التي ليس لها حل إلا بتحقيق توافق واسع بين المصريين ونخبهم، وكأن الإخوان لم يضعوا أي حساب لقدرة الدولة العميقة على إفشال كل من يصل إلى السلطة وهو متحفز للتفرد بمفاصل الدولة.
دخول الإخوان والرئيس مرسي في عداء مبكر مع القضاء المصري كلفهم الكثير، وأشغلهم في معارك جانبية، في ما يشبه حرب الاستنزاف، وقضى على مسار بناء المؤسسات الدستورية بالوصفات والمواصفات الإخوانية، فتم حل مجلس الشعب، وأحبطت معظم التشريعات والقرارات الصادرة عن الرئيس أو عن مجلس الشورى، وأجبر الرئيس في حالات كثيرة على تراجع مهين عن قراراته.
وعلى مستوى أخطر، دخل الرئيس والإخوان في مواجهة مفتوحة مع المؤسسة العسكرية، التي يدينون لها بالوصول إلى السلطة، وألحقوا بها إهانات غير مفهومة أو مبررة، وأساؤوا قراءة ما أظهرته المؤسسة من انضباط ظاهري طوال السنة المنصرمة، تفرغت فيها قيادات المؤسسة للإعداد لما نشاهده اليوم من ترتيبات واضحة لتنفيذ انقلاب على الرئيس والإخوان، بنفس أدوات الانقلاب الذي نفذ ضد مبارك، لكن هذه المرة خارج المضلة الأمريكية، بل وضد إرادة الإدارة الأمريكية.
فبعد مرور عام على توليه السلطة، يكتشف الرئيس مرسي وقيادات الإخوان، أنهم يواجهون مؤامرة دولية، ويشتكي الرئيس المصري من خذلان دول الخليج، ومن تعطيل الحليف الأمريكي لقرض صندوق النقد الدولي، في اعتراف واضح بانسداد أفق إنقاذ النظام الإخواني بمساعدة الأشقاء، أو بدعم من المؤسسات المالية الدولية، بما يوحي أن الإخوان قد تم خداعهم، والتغرير بهم، لحثهم على القبول بالترتيبات التي أعدت لتغيير واجهة السلطة دون تغيير النظام، أو المساس بالتزامات مصر، تحديدا مع الحليف الأمريكي والكيان الصهيوني.
المخادع والمخدوع وما بينهما
هذا الاعتراف المتأخر بخذلان الحلفاء، هو اعتراف لا إرادي بما اتهم به الإخوان في وقت مبكر، من تحالف مع العسكر والأمريكيان لسرقة ما كان الشارع المصري يصفه بالثورة، ويؤكد ما تسرب وقتها حول الترتيبات السرية بين الإخوان والولايات المتحدة والمؤسسات العسكرية في دول الربيع، وأن النجاح في إدارة الحراك بقدر من السلمية في تونس ومصر، والانتقال إلى خطة "ب" بالتدخل العسكري الفج في ليبيا وسورية، إنما توقف على مقدار قبول العسكر المشاركة في اللعبة في مصر وتونس، وامتناعهم في ليبيا وسورية، لأن ذات الأدوات السياسية والدبلوماسية، والضخ الإعلامي المتواصل الذي نجح في الحالتين المصرية والتونسية، فشل في الحالة الليبية والسورية، وفضح اليد التي كانت تقود عن بعد مشروع زرع الفوضى الخلاقة في العالم العربي عبر ما سمي بربيع الشعوب.
الآن وقد اصطدم في سورية بنظام متناغم مع مؤسسته العسكرية، مؤازر بحلف دولي قوي، منع تكرار السيناريو الليبي في سورية، بدأنا نلمس معالم "ربيع عربي مضاد" بتمرد شعبي قد يتحول إلى ثورة حقيقية، على الأقل في مصر التي تكتشف فيه اليوم شرائح واسعة من الشعب، ومن القيادات الروحية مثل الأزهر والكنيسة، ومعظم النخب غير الإسلامية، وحتى جانب من النخب الإسلامية مثل حزب النور ومصر القوية، بدأت تكتشف حجم المؤامرة التي قادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها من الغرب وبعض دول الخليج، من أجل توظيف الإسلام السياسي كواجهة بديلة للأحصنة النافقة.
خسارة أمريكا لكنوز مصر الإستراتجية
حجم الكراهية للولايات المتحدة التي تعبر عنه اليوم هذه النخب، بما فيها النخب الليبرالية، يبشر بخسارة رهيبة سوف تلحق بالنفوذ الأمريكي التقليدي في مصر منذ السادات وحتى إبعاد مبارك وترحيله. فالسفيرة الأمريكية في القاهرة أصبحت شخصية غير مرغوب فيها شعبيا، وكانت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتن قد رشقت بالطماطم والبيض، وسوف نشهد في الحراك الشعبي، المبرمج ليوم الأحد، رفع شعارات معادية للولايات المتحدة كما لم تشهر في وجهها، في أعز أيام تبني الإخوان لعداء ظاهري للأمريكان، وقد تخسر الولايات المتحدة مصر قبل أن تبتلع مرارة الفشل في سورية، وأن دعوات ترحيل الرئيس مرسي وتحرير مصر من
"الاحتلال الإخواني" كما يقول شباب تمرد، قد ترفق بدعوة صريحة لتحرير مصر أخيرا من الاحتلال الأمريكي الناعم، وإذلالها بمعونات مالية هزيلة، وقد يكون حال الولايات المتحدة وإدارتها للفوضى الخلاقة في العالم العربي بقدر من التحقير للعرب، كحال من ذهب يبحث عن قرنين فعاد مصلوم الأذنين، تخلت عن حلفاء مؤتمنين بدم بارد، لتجبر اليوم على التخلي عن حلفاء جدد من الإسلام السياسي، حتى أنه لا أستبعد أن يكون الرئيس الأمريكي أول من يقول للرئيس مرسي ارحل، حالما ينتهي القمر الصناعي التابع لـ"غوغل" من إحصاء أعداد المتظاهرين مع شباب تمرد. وسوف يكتشف الإخوان أنه يتعين على المرء أن يتقي شر الولايات المتحدة والغرب ويحذر غدرهم حين يكون صديقا لهم، أكثر من تقية شرهم وهو في خصومة مفتوحة معهم.
ولأول مرة منذ بداية أحداث الربيع العربي تنشأ عندي قناعة، أن الكلمة الأولى والأخيرة سوف تكون للشعب المصري، الذي سوف يقول كلمته هذه المرة بعيدا عن السحرة في الداخل والخارج، وأنه وحده من يمتلك حق ترحيل رئيسه، أو منحه فرصة إكمال عهدته، إما بالاحتشاد الشعبي الواسع مع شباب حملة تمرد، بما لا يترك مجالا للمماحكة والتأويل، أو يلزم بيته، ويمتنع عن النزول، فيكون وقتها لزاما على معارضي مرسي والإخوان، كما على المؤسسة العسكرية، واجب صرف النظر عن الانتقال لخطة الترحيل بالقوة، التي سوف تدخل مصر في حرب أهلية مفتوحة، ومنها إلى أوحال الدولة الفاشلة.
إضافة رد
 

مواقع النشر (المفضلة)


فشل الإخوان في التمكين للأمريكان-حبيب راشدين-


« الموضوع السابق | الموضوع التالي »


الانتقال السريع


الساعة الآن 09:13
المواضيع و التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات سوفت الفضائية
ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ( ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر )
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc