تُعَدُّ المياه الزرقاء ثاني أكبر مسبب للعمى بعد المياه البيضاء، وهي تتكون عند تراكم السوائل في العين؛ مما يرفع بدوره الضغط الداخلي للعين، ويترتب عليه الفِقدان المستمر لخلايا معينة من خلايا الشبكية، وتلف ألياف العصب البصري؛ الأمر الذي يؤدي إلى العمى التام. ومن ثَمَّ فالحفاظ على الضغط الداخلي للعين منخفضًا (عند المستوى الطبيعي أو أدنى منه) هو الطريقة الوحيدة المتاحة حاليًّا لعلاج المياه الزرقاء، ممَّا يستدعي القياس المستمر لضغط عين المريض. وعلى غرار ضغط الدم يتنوَّع الضغط الداخلي للعين من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى، فمن الممكن أن يتأثَّر بتعاطي الأدوية الأخرى، ووضعية الجسم، أو حتى رابطة العنق المربوطة بإحكام؛ لذلك فإن قراءته مرة واحدة يوميًّا غير كافية بالمرة. ومن ثَمَّ يستحيل أن يعرف الأطباء مقدار التغير الذي يحدث؛ ممَّا يؤثر في العلاج على نحوٍ قد يؤدي في آخر المطاف إلى ازدياد الرؤية سوءًا. وإذا تَسَنَّى لمرضى المياه الزرقاء مراقبة أنفسهم باستمرار، فربما يحدث تحسُّن في العلاج، ولأمكن إنقاذهم من العمى. فقد أوردت دراسة سابقة أن القياس المستمر لضغط العين على مدار 24 ساعة قد أدى إلى حدوث تحسن في علاج 80٪ من المرضى. ومن ثَمَّ طور العلماء — وفقًا لدراسة نُشرت تفاصيلها في دورية «نيتشر مديسين» — جهاز استشعار جديدًا يتكون من أنبوب صغير أحدُ طرفيه مفتوح للسوائل التي تملأ العين، والطرف الآخر ينتهي بانتفاخ صغير مملوء بالغاز، وعندما يرتفع الضغط تندفع سوائل باطن العين إلى الأنبوب، فيتراجع الغاز إلى الخلف. ثم هناك جهاز يتصل بالهاتف المحمول هو عبارة عن كاميرا ذكية تُوضع فوق العين وتلتقط صورًا للدرجات التي وصلت إليها سوائل العين، وتمرر هذه المعلومات إلى تطبيق على الهاتف المحمول يحولها إلى أرقام يمكن أن تفيد في العلاج. ومن ثَمَّ يمكن للمريض أن يقيس ضغط العين باستمرار والاحتفاظ بسجل تاريخي يمكن أن يفيد في التشخيص والعلاج. والجهاز مصمم حاليًّا بحيث يجري تركيبُه داخل العدسة البصرية التعويضية العادية التي تُزرع للمرضى عند الخضوع لجراحات المياه البيضاء، لكن العلماء يدرسون إمكانية زراعة هذا الجهاز وحده. ولا يسبب الجهاز — الذي لا يتجاوز طول بضعة ملليمترات ويبلغ قطره 50 ميكرون — أي تشويش للرؤية.